قلق بعد أزمة اليونان داخل أسواق المال
تستمر حالة الهدوء بالسيطرة على أسواق المال على الرغم من وصول اليونان إلى مرحلة حرجة ومحاولتها للتشبث بخيط رفيع للبقاء ضمن عضوية الاتحاد الأوروبي. وقد شهدنا هذه المشاكل تنعكس على الأسواق المحلية اليونانية بعد الإعلان عن توجه لإغلاق البنوك اليونانية وعن فرض ضوابط على رأس المال فيم عرف باسم ازمة الديون السيادية اليونانية.
وتمكن سعر صرف اليورو مقابل الدولار الأمريكي EURUSD من البقاء فوق الماء على الرغم من تراجعه بقوة متفاعلاً مع الأخبار عن احتمال إغلاق البنوك، حيث لم يتمكن الهبوط إلى ما دون مستوى 1.10 من دفع اليورو لاختبار مستويات أدنى، على الأقل لم نشهد مثل هذا التراجع على المدى القصير، وأصبحت المشاعر تجاه أسواق الأسهم الأوروبية أكثر هشاشة، إلا أن رد الفعل العام بقي محدوداً ولم يتمكن من عكس حالة الذعر حول مستقبل اليونان أو حول مستقبل منطقة اليورو.
ويبدو أن الأسهم تمكنت من عكس المخاوف حول اليونان بشكل أكبر ما عكسته تحركات اليورو، ورغم ذلك بقيت الأسواق في حالة التفاعل مع رد الفعل. فتارة نشهد حالة التفاؤل تنتشر بعد تصدر أثينا لعناوين الأخبار حول سعي اليونان لخطة انقاذ أخرى، تليها حالة من التراجع في هذا التفاؤل بسبب تصريحات المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأنه لن يتم تقديم أي خطة انقاذ إذا أصرت اليونان على إجراء استفتاء حول أحكام خطة الانقاذ.
وتعتبر عناوين الأخبار مصدر القلق الرئيسي للمستثمرين في الفترة الحالية وبشكل خاص في ظل التعقيد الكبير في الموقف في اليونان. وكيف سيقوم المتداولون بالتخطيط لخروج اليونان من الاتحاد الأوروبي أو ما بات يعرف باللغة الانجليزية بمصطلح Grexit بينما لا يملك هؤلاء المتداولون أي فكرة حول الفترة الزمنية حتى حدوث مثل هذا الخروج أو ما هي تبعاته؟ وهذا ما يقدم تفسيراً جزئياً للسبب وراء بقاء المستثمرين جانباً وعدم حدوث عملية نزوح جماعي عن اليورو أو عن الأسهم الأوروبية. وعلى الرغم من أن الأسواق عادة ما تشهد عمليات بيع قوية نتيجة حالة عدم اليقين، ولكن الأحداث في اليونان حيرت المستثمرين، وهو ما يعني أن حالة عدم اليقين قد تكون قد أبقت المستثمرين جانباً بدلاً من التداول النشط على الأحداث اليونانية.
وإذا كان على اليونان الخروج فعلياً من منطقة اليورو، حينها قد نشهد ارتفاعا في تقلبات أسواق المال، ولكن عموماً، فإننا نتجه إلى التفكير بأن اليونان سوف تبقي في الخلفية خلال الأسابيع المقبلة في ظل تركيز الأسواق على أحداث أخرى أقل إرباكاً.
ويشكل الفيدرالي الأمريكي أحد هذه الاحداث. حيث يتوقع خلال أشهر الصيف أن يبتعد التركيز عن أثينا ويتحول نحو الولايات المتحدة الأمريكية وتقييم البيانات الاقتصادية لمعرفة هل سوف يحقق الاقتصاد الأمريكي قوة كافية بالنسبة للفيدرالي ليقوم برفع أسعار الفائدة في سبتمبر.
ويمكن لرفع معدلات الفائدة الأمريكية أن يهيمن على مشاعر السوق خلال الأشهر القليلة المقبلة، حيث أنه يطلق العنان لارتفاعات الدولار والذي عانى في محاولة الحصول على قوة جديدة خلال الأشهر الأخيرة. وتحمل ارتفاعات الدولار آثاراً كبيرة على أسواق الأسهم والنفط والمعادن النفيسة ويمكن أن تكون محركاً أكثر أهمية للأسواق على المدى مما يمكن أن تشكله ازمة اليونان للأسواق.
وبشكل عام، فإننا نعتقد أن ارتفاع أسعار الفائدة الامريكية قد يحمل تأثيراً أكبر على اليورو مما تحمله الأزمة اليونانية، في ظل ترقب السوق لكل خطوة من قبل الفيدرالي خلال الأسابيع المقبلة. ولذا، فإنه على الرغم من أن السوق ووسائل الإعلام يراقبون اليونان باهتمام في الفترة الحالية، إلا أن هذا الأمر قد يكون قصير المدى ونتوقع أن تكون الاحداث في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر أهمية خلال الأشهر المقبلة.
لا يسمح بنقل هذا المحتوى من سوالف دون الاشارة برابط مباشر