ما هي أولويات إنفاقك على التكنولوجيا في 2025؟ – بقلم أيمن عبد الله
لنكن صريحين – نحن نعيش في زمن لم يعد فيه تبني التكنولوجيا مجرد خيار، بل ضرورة حتمية تفرضها ظروف السوق المتغيرة بسرعة البرق. فبينما تتصارع الشركات على البقاء في سوق يشهد تحولات جذرية كل يوم، يصبح السؤال الحقيقي: كيف ننفق على التكنولوجيا بطريقة ذكية تضمن لنا تحقيق الفائدة القصوى دون إهدار الموارد؟ الإجابة ليست في الانبهار بكل ما هو جديد، بل في التخطيط الاستراتيجي الذي يضع الاحتياجات الفعلية فوق الموضة التكنولوجية العابرة.
بدايةً، يجب أن ندرك أن الإنفاق التكنولوجي الفعال يبدأ بالأساسيات قبل الاندفاع نحو الابتكارات المتقدمة. فمثلاً، وفقاً لدراسة أجرتها شركة Gartner عام 2023، فإن 70% من حالات فشل التحول الرقمي في الشركات الصغيرة والمتوسطة ناتجة عن إهمال البنية التحتية الأساسية مثل الشبكات الآمنة وأنظمة النسخ الاحتياطي. بمعنى آخر، لا فائدة من استثمار آلاف الدولارات في الذكاء الاصطناعي إذا كانت أنظمة الشركة غير قادرة على حماية بياناتها من الاختراق. لذا، فإن أولوية الإنفاق الأولى يجب أن تكون على البنية التحتية الرقمية الموثوقة، بما في ذلك الخوادم السحابية الآمنة، وأنظمة مكافحة الفيروسات، وسياسات الأمن السيبراني.
بعد تأمين الأساسيات، تأتي أولوية الأدوات التي تعزز الإنتاجية. هنا، لا نناقش شراء أحدث أجهزة الكمبيوتر فحسب، بل البرمجيات والمنصات التي تحوّل العمل من مجرد مهام روتينية إلى عمليات ذكية وسريعة. مثلاً، تشير إحصائية من Forrester Research إلى أن الشركات التي تستثمر في أدوات التعاون الرقمي مثل Microsoft Teams أو Slack تشهد زيادة في إنتاجية الموظفين بنسبة 30%، مقارنة بتلك التي تعتمد على البريد الإلكتروني التقليدي. كما أن تبني حلول إدارة المشاريع مثل Asana أو Trello يمكن أن يقلل من الوقت الضائع في الاجتماعات غير الفعالة بنسبة تصل إلى 45%. إذن، فالعبرة ليست في كم الأموال المنفقة، بل في مدى ذكاء توزيعها على أدوات توفر الوقت والجهد، مما يحرر الموارد البشرية للتركيز على الإبداع بدلاً من الإدارة.
ما هي أولويات إنفاقك على التكنولوجيا في 2025؟
ثم يأتي دور الابتكار، ولكن بشروط. الكثيرون ينجذبون إلى مصطلحات مثل “بلوك تشين” أو “الميتافيرس” دون خطة واضحة، مما يحول التكنولوجيا من أداة مفيدة إلى عبء مالي. وفقاً لتقرير McKinsey، فإن 60% من المشاريع التي تنفق على الذكاء الاصطناعي تفشل في تحقيق عائد استثماري بسبب عدم وضوح الهدف. لذلك، قبل القفز إلى موجة الابتكار، يجب طرح سؤالين: هل لدينا البيانات الكافية والبنية التحتية اللازمة لاستخدام هذه التكنولوجيا؟ وهل هناك حاجة فعلية لها؟ على سبيل المثال، شركة ناشئة في مجال التجزئة قد تستفيد أكثر من تحليل بيانات العملاء عبر منصات بسيطة مثل Google Analytics بدلاً من استثمار مبالغ طائلة في أنظمة معقدة لا تتناسب مع حجم عملياتها.
أخيراً، لا يمكن إغفال العنصر البشري. فالتكنولوجيا بلا فريق قادر على استخدامها تصرفاً بلا طائل. تظهر أرقام LinkedIn أن 56% من الموظفين يشعرون بأن مهاراتهم الرقمية متخلفة عن متطلبات وظائفهم، مما يقلل من فعالية أي استثمار تكنولوجي. لذا، فإن تخصيص جزء من الميزانية للتدريب المستمر ليس ترفاً، بل ضرورة.
في النهاية، أولويات الإنفاق على التكنولوجيا ليست قائمة جامدة، بل خريطة متحركة تعتمد على حجم الأعمال، والأهداف، وحتى الثقافة التنظيمية. لكن القاعدة الذهبية تبقى واحدة: ابدأ بالأساسيات، عزز الإنتاجية، ثم ابتكر بحكمة، ولا تنسَ أن التكنولوجيا الناجحة هي التي تخدم الإنسان، لا العكس.
لا يسمح بنقل هذا المحتوى من سوالف دون الاشارة برابط مباشر
