إلى .... الذي يحترم أوامر الدين .
إلى .... الذي يقدر الدعاة والعلماء المخلصين .
إلى .... الذي يخاف من عذاب الجحيم ، ويطمع أن يدخل جنة نعيم .
إلى .... الذي يحرص على التزود من دنياه إلى أخراه بطاعة مولاه .
إلى .... الذي يبحث عن الحق ويطلبه ويعمل به .
إلى هؤلاء جميعاً أقدم هذا الجهد المتواضع هدية مع أصدق تحية
الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم ، يدعون من ضل إلى الهدى ،
ويبصرون منهم على الأذى ، يُحيون بكتاب الله الموتى ، ويُبصرون بنور الله أهل العمى ، فكم من
قتيل لإبليس قد أحيوه ، وكم من ضال تائه قد هدوه ، فما أحسن أثرهم على الناس ، وأقبح أثر الناس
عليهم ، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية
البدع ، وأطلقوا عقال الفتنة ، ويتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يشبهون
عليهم ، فنعوذ بالله من فتن الضالين .
وأشهد أن لا إله إلا الله القائل في كتابهيا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن
إثم و لا تجسسوا و لا يغتب بعضكم بعضاً ..... )
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وصفيه وخليله ، وخيرته من خلقه ، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ،
ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده ، فصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ،
وعلى من تبعهم بإحسان واقتفى أثرهم إلى يوم الدين ، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين
كلمة مضيئة
لسماحة العلامة / عبد العزيز بن باز (رحمه الله )
(( ... الواجب على طلبة العلم وعلى أهل العلم معرفة واجب العلماء ، والواجب عليهم حسن
الظن وطيب الكلام والبعد عن سيئ الكلام ، فالدعاة إلى الله – جل وعلا– حقهم عظيم على المجتمع .
فالواجب أن يُساعَدوا على مهمتهم بكلام طيب وبأسلوب حسن ، والظن الصالح الطيب ، لا بالعنف
والشدة ، ولا بتتبع الأخطاء وإشاعتها للتنفير من فلان وفلان .
يجب أن يكون طالب العلم ، ويكون السائل يطلب الخير والفائدة ، ويسأل عن هذه الأمور ، وإذا وقع
خطأ أو إشكال سأل بالحكمة والنية الصالحة ، كل إنسان يخطئ ويصيب ، ما فيه أجد معصوم إلا
الرسل – عليهم الصلاة والسلام – معصومون فيما يبلغون عن ربهم ، والصحابة وغيرهم كل واحد
قد يخطئ وقد يصيب ، والعلماء كلامهم معروف في هذا والتابعون ومن بعدهم .
ليس معنى هذا أن الداعية معصوم أو العالم أو المدرس أو الخطيب ، لا . قد يخطئون فالواجب إذا نُبه
أن يتنبه ، وعلى من يشكل عليه شيء أن يسأل بالكلام الطيب والقصد الصالح حتى تحصل الفائدة
ويزول الإشكال من غير أن يقع في عرض فلان أو النيل منه .
العلماء هم ورثة الأنبياء ، وليس معنى هذا أنهم لا يخطئون أبداً ، فهم إن أخطأوا لهم أجر ، وإن
أصابوا لهم أجران .
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، فإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله
أجر )) .
وإخواننا الدعاة إلى الله – عز وجل – في هذه البلاد حقهم على المجتمع أن يََُسَاعَدوا على الخير ،
وأن يُحسن بهم الظن ، وأن يبين الخطأ بالأسلوب الحسن ، ليس بقصد التشهير والعيب .
بعض الناس يكتب نشرات في بعض الدعاة ، نشرات خبيثة رديئة لا ينبغي أن يكتبها طالب علم ،
فلا ينبغي هذا الأسلوب ....)) انتهى
ففي الآونة الأخيرة ظهرت عاصفة هوجاء ، وفتنة عمياء ، طمت وعمت في ساحة الشباب المستقيم
تشككهم في دعاتهم وعلمائهم بسبب خلافات فرعية مما يسع الاجتهاد فيها ، فانبرت لأخطائهم الأقلام
ولزلاتهم وجهت السهام ، دون رقيب أو حسيب ، تشهيراً وتنفيراً ، وحسداً وحقداً لتنزل عليهم كل
وصف شنيع وقول فظيع ، عياذًا بالله من هذا الصنيع ، حمل لواءها فئام لئام من الأدعياء تظاهروا –
أمام الناس – بعلم العلماء وحكمة الحكماء في الشكل والظاهر بلبس باهر في تنسك فاجر ، فزعمت
النصح والنقد البناء ، وتصحيح الأخطاء ، ولكنه الجرح والفضح ، فضلوا الطريق ، فصدق عليهم "
وكم من مريد للخير لا يبلغه " وعلى إثرها انقسم الشباب تجاه الدعاة والعلماء ، وتفرقت كلمتهم ما
بين مادح أو قادح ، وما بين ذاب أو ساب ، وما بين مبشر أو محذر ، فتلاشت بينهم النصيحة وفشت
الفضيحة ، فقل الائتلاف وطلّ الاختلاف ، وبدا نور الوفاق يخبو ، ونار الفراق تربو ، فاتسعت
الفجوة وحلت الجفوة .
فعندها صار الفرح إلى ترح ، وحلّ القرح ، واتسع الجرح ، فسال دماً ، وأعقب ندماً ،
فبلغ السيل الزبى فإلى الله المشتكى ، وحسبنا الله ونعم الوكيل على من سلك طريق التضليل ، أو أراد
بنا البطش أو التنكيل .
والحق أنه ليس لدي رغبة في المنازلة ، ولا شهوة في المجادلة ، لأن العقلاء لا يمارون السفهاء ،
ولا ينازلون الطعناء ، امتثالاَ لقول : ( ومن اللباقة مجانبة أرباب الحماقة ) وتأملاً في حال السيف
ينقص قدره إذا قيل ( السيف أمضى من العصا ) .
فزاد ترددي كثيراً ، وتأملي طويلا في هذه الفتنة المطلة بأفكارها المضلة .
وسألت نفسي مراراً ، وأعدته عليها تكراراً .
هل أسطر فأنشر ؟! ...... أو أحجم فأكتم ؟!
أروي أم أطوي ؟! ....... أعرض الخفايا أم أُ عرض عن الرزايا ؟!
فجاء الجواب أن حرر الخطاب بكل أمانة وصواب ، عسى أن يكون هداية لأولي الألباب بما حواه
من سؤال وجواب ، نعمة من منزل الكتاب ، ومنة من مسبب الأسباب ، مجتنبا فيه السباب خشية أن
أكون به مغتاب .
فبكل الأسى والحزن أسطر قصة ربيبة الفتن التي أظهرت ما في النفوس قد بطن ، فلفظته ألسن
ممزوجة بالعفن ، في أنجس لحن لتبيع الغالي بأبخس ثمن ، على مرّ الزمن ، والتي بسببها انتهكت
حرمة الأعراض ، وهي إحدى الحرمات الثلاث – الدم ، والمال ، والعرض – والذي أخشاه ولا
أتمناه أن يؤول الأمر إلى استباحة ما بقي من الحرمات الثلاث .
فمع القضية المهينة والقصة المشينة من جذورها النتنة ومروراً بفروعها النكرة إلى ثمارها النكدة ،
في رسالة خفيفة بعبارة لطيفة ، وهيئة ظريفة في خطوة جريئة ، وكلمات بريئة ، لدفع الصائل
وإجابة السائل ، بخطورة التصنيف المهين المبني على الظن لا اليقين ، كتبتها بالبنان هداية للحيران
من غواية الشيطان ، راجياً من ربي العفو والغفران ، والنجاة من النيران ، والفوز بالمنازل العليا في
الجنان ، موسومة بعنوان " كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية ، سؤال وجواب هداية لأولي
الألباب " .
س1 / لماذا هذه الرسالة ؟
ج / كتبت هذه الرسالة لكل باحث عن الحقيقة الخفية عند مدعي السلفية ، ولمن يريد أن يقف على
خطورة هذا الفكر المنحرف والمسلك الضال ، والفتنة العمياء التي لم تمر في تاريخ الإسلام منذ
بزوغ فجره قط إلا في عصرنا هذا على أيدي فئة ادعت " السلفية " فكادت لعلمائها ودعاتها من أهل
السنة والجماعة بالحط من قدرهم والنيل من أعراضهم بكلمات بذيئة ونشرات خبيثة .
وكتبت هذه الرسالة – أيضاً – نصرة للظالم والمظلوم ، نصرة للظالم بالأخذ على يده ، وإبداء النصح
له ، وتحذيره من مغبة هذا الظلم ، ومن نقمة الله وسخطه عليه في الدنيا والآخرة ، فالتوبة التوبة من
الجور والحيف ، وإن كثر أعانه .
ونصرة للمظلوم بردع الظالم عنه ، والذب عن عرضه ، وتذكيره بموعود الله لمن صبر واحتسب
ولو بعد حين ، فالثبات الثبات على الحق و‘ن خالفك الخلق ، أو قل إخوانه .
يقول الشيخ / بكر بن عبد الله أبو زيد :
" وفي عصرنا الحاضر يأخذ الدور في هذه الفتنة دورته في مسلاخ من المنتسبين إلى السنة ،
متلفعين بمرط ينسبونه إلى السلفية ظلماً لها ، فنصبوا أنفسهم لرمي الدعاة بالتهم الفاجرة المبنية على
الحجج الواهية ، واشتغلوا بضلالة التصنيف "(2 )
وقال أيضاً : " .... حين سرت إلى عصرنا ظاهرة الشغب هذه إلى من شاء الله من المنتسبين إلى
السنة ودعوى نصرتها ، فاتخذوا التصنيف بالتجريح ديناً وديدنا " .
فيا لله كم جرت هذه الفتنة العمياء شباب الأمة إلى الوقوع في مسالك الضلال والتضليل ، والترويع
والتبديع ، والتنفير والتكفير ، والفساد والإفساد في الأرض بدعوى الإصلاح والإصلاح لا يكون
بالإفساد في الأرض .
وقال أيضاً :" وهذا الانشقاق في صف أهل السنة لأول مرة ، حسبما نعلم يوجد في المنتسبين إليهم
من يشاقهم ، ويجند نفسه لمثافنتهم والوقوف في طريق دعوتهم ، وإطلاق العنان للسان يفري في
أعراض الدعاة ، ويلقي في طريقهم العوائق في عصبية طائشة (1) .
فهذا - يا أخي - فيض من غيظ ، وقليل من كثير من بلايا ورزايا هذه الفتنة ، لذا فإن كشف الحقائق
والأدواء والأهواء ونقد المقالات المخالفة للكتاب والسنة ، وإجماع الأمة ، وتحذير الناس منها سنة
ماضية في تاريخ المسلمين ، وإنكارها والتصدي لها واجب شرعي يجب أخذه في الاعتبار ، وأما
ترك الفتنة تموج وتعصف بالشباب دون رد وبيان ، أو مناصحة ومكاشفة ، أو حوار هادف معهم ،
فهذا عين الخطأ ومكمن الغلط ، ولكي لا يتسع الخرق على الراقع .
إلى أن قال : " إن تحرك هؤلاء الذين يجولون في أعراض العلماء اليوم سوف يجرون – غداً –
شباب الأمة إلى مرحلتهم الثانية :
الوقيعة في أعراض الولاة من أهل السنة ، وقد قيلالحركة ولود والسكون عاقر)، وهو أسوأ أثر
يجره المنشقون ، وهذا خرق آخر بجانب الاعتقاد الواجب في موالاة ولي أمر المسلمين منهم .
قال الطحاوي – رحمه الله - في شرح الطحاوية :
( ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا ، وإن جاروا ، ولا ندعوا عليهم ، ولا ننزع يداً من
طاعتهم ، ونرى طاعتهم من طاعة الله – عز وجل – فريضة ما لم يأمروا بمعصية .
وندعوا لهم بالصلاح والمعافاة ، ونتبع السنة والجماعة ، ونتجنب الشذوذ والخلاف والفرقة " .
وهذا الذي يجب على كل مسلم أن يعتقده ويدين الله به ، وأما الطعن في الدعاة والعلماء ، والنيل من
أعراضهم والخروج عن السمع والطاعة وأمر الجماعة ، والولوج في الطوائف والأحزاب ، وشق
عصا الطاعة لولاة الأمر ، فهذا عين كل شر وفساد ، وكل بلاء وخراب ، وسفك وإرهاب .
قال الله – جل وعلا - : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) .
فأولي الأمر هم العلماء والأمراء فطاعتهم واجبة في غير معصية الله وهي من طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
يتنبع....


يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن
رد مع اقتباس

