وهو يتلفَّت يميناً وشمالاً جاحظ العينين يمسك بمزلاج باب البقالة قالها ذلك العامل الهندي وعلامات الفزع ترتسم على صفحة وجهه الأسمر .
كان هذا المشهد قبل أن يُنهي مؤذن المسجد أذان الظهر وكنت قد دخلت البقالة لأشتري زجاجة ماء .
أصاب ذلك المشهد في نفسي نقطة تألمت لها وتعجبت لحالنا كيف غابت مخافة الله وحضرت مخافة جيب هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر !!
كيف حضرت صورة ذلك الملتحي الذي يردف خلفه رجل شرطة وسائق يوجهه ذات اليمين وذات الشمال وهو يصيح في عباد الله " صلوا .. صلوا " وكأن الأذان لم يبلغ المدى ومآذن المساجد تقبل السحاب ارتفاعاً .
كيف حضرت صورة " المطوع " المتجهمة وأفزعت ذلك العامل !! وزرعت في قلوب الكثير الخوف من ذلك الثلاثي " المطوع والسائق ورجل الشرطة " ولم تزرع في قلوبهم مخافة الله قبل كل شيء !؟
لا شك أن هناك خلل كرس هذه الصورة لدى الجميع عن الهيئة ورجالاتها ! خلل خطير جعل الهندي يصيح في وجه زبائنه بخوف وفزع ( سرعة سرعة مطوع فيه !!) ولم يقل كما يجب أن يقال ( سرعة سرعة الله فيه ) !! .
لا شك أن عقلية ما ترسم هذا السيناريو اليومي وقد مضى على رسالة الحبيب المصطفى أكثر من ألف وأربع مئة سنة والإسلام يتغلغل في نفوس أهله ومحبة الله هي التي تسير أمور العباد ، عقلية كهذه يتوجب عليها مراجعة آليات عملها وتطويرها بما يضمن تعاون الجميع على البر والتقوى !
ولن تعجز أدمغة العاملين في جهاز الهيئة عن ابتكار وسائل تذكير وأمر بالمعروف غير تلك الوسائل التي تفزع وترهب ؟! غير تلك الطرق التي شوهت صورة أولئك المخلصين من المحتسبين لوجه الله عز وجل !
ولا يتوجب على " المطوع " والثنائي المنزرع معه في السيارة أن يطوف الأرض شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً كي يسوق الناس إلى المساجد بجهارة صوته وغلظة خيزرانته مع كل فرض والله عز وجل يقول (ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) ! .
المشهد يتكرر مع كل صلاة ، والحال يزداد سوءً ، ولا جديد في الموضوع .
الطريف أن الثلاثي المحتسب إن مر بشخص يعرفه ابتسم في وجهه مع تلويحة الرضا وإن مر بمن لا رصيد له عنده من المعرفة كشر وزمجر وذكَّره بمخافة الله وتقواه !!
من هنا يتوجب العمل الجاد من أجل تغيير تلك الصورة التي تظهر بها تلك السيارة ومن فيها لتكون المخافة لله لا من خيزرانة " المطوع " أو سلطة رجل الشرطة .
إبراهيم جبران
3-12-1428هـ
http://www.sabq.org/inf/articles.php?action=show&id=474