السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود أن أوجز هذا الموضوع في بضعة نصائح لي أولاً ولرواد قسم التصميم والرسومات والمونتاج من باب أنها تخص من له ميول لهذه الفنون.
أولاً لنستوضح نقطتين هامتين:
1- إن تطبيق معايير وضوابط الدين الإسلامي كاملةً في أي مجال لا تنقص من قدر الإبداع الذي يمكن الوصول إليه في هذا المجال, ولا تحد من امكانيات المشتغلين فيه (إذا كان مجال العمل ككل لا يتعارض مع الدين الإسلامي).
2- إن الله قد خلق كل شيء فأحسنه من بشر وحيوان وطبيعة من جبال وأنهار وبحار.
(بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم)
سورة الأنعام
الآن لنتطرق للموضوع باختصار شديد وبدون الإفتاء الشخصي:
لدى الجميع العلم بمقدار تشعب كلمة فنون, في عالمنا المعاصر لتشمل الكثير والكثير من التفرعات, منها ما يتناسب مع تعاليم ديننا الإسلامي وهي فنون فعلاً, ومنها ما لا صلة له بالفن في شيء ومنافي لتعاليم ديننا الإسلامي, ومنها ما اعتدنا على رؤيته وتقبله ولو أن به مخالفات لتعاليم ديننا الكريم.
فهنا أتطرق للفنون المتعلقة بالتصوير والرسم ومتعلقاتها.
أولاً:
الإسلام ورسم ذوات الأرواح:
قال صلى الله عليه وسلم:
(إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم : أحيوا ما خلقتم)
وقال:
(أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون ، الذين يضاهئون بخلق الله)
و
(عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال الله تعالى : " وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذَهَبَ يَخْلُقُ كخلقِي فلْيخلُقوا ذرَّةً . أو لِيَخْلُقوا حَبَّةً أو لِيَخْلُقوا شعيرةً ")
و
( ولهما عن ابن عباس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "كلّ مُصوَرٍ في النار ، يُجعَل له بكُلِّ صورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسٌ يعذَّب بها في جهنم")
أي كل مصور صورة لذي روح فهو في النار لتعاطيه ما انفرد الله به من الخلق .
و
( عن ابن عباس مرفوعاً : " مَنْ صوَّر صورةً في الدنيا كلِّفَ أَنْ يَنفُخَ فيها الرّوحَ وليس بنافخٍٍ ")
وهناك ما شابهها من أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
فيما يخص أقوال أهل العلم في هذا الموضوع
فلن أنقلها لعدم الإطالة
ويمكن الإضطلاع عليها على الروابط التالية:
موقع الإسلام سؤال وجواب - تحريم التصوير واتّخاذ التماثيل وأثر ذلك على العقيدة
موقع الإسلام سؤال وجواب - حكم الرسم الكاريكاتيري
موقع الإسلام سؤال وجواب - حكم رسم ذوات الأرواح
موقع الإسلام سؤال وجواب - حكمُ الرسومِ المتحركة
موقع الإسلام سؤال وجواب - حكم رسم ذوات الأرواح بدون إظهار ملامح للوجه
موقع الإسلام سؤال وجواب - هل يجوز رسم ذوات الأرواح ثم طمسها بقصد التسلية؟
قد يجد الكثيرين صعوبة في تقبل مثل ذلك حتى وإن تم اثبات التحريم بنص صحيح لا يشكك أحد في صحته, والسبب هو أننا نعيش في فترة زمنية أصبحت مثل هذه الأنواع من ال"فنون" من الأمور المسلمة في عالم الفن ولها مسابقات وجوائز.
ولكن إذا أخذنا نظرة عامة وفترة للتفكر
سنجد أن الفن من رسم وتصوير وإبداع ليس محصوراً فيما نهى الله عنه,
فإن كان قد نهى عن رسم وتصوير ذوات الأرواح
فهنالك الطبيعة من حولنا من جمادات وأشجار وبحار ومحيطات
وهنالك فن لازم نمو الحضارة الإسلامية وكان ولا زال من أعلامها ألا وهو فن الزخرفة.
وأركز هنا على هذه النقطة
الزخرفة والعمارة الإسلامية
وهي دعوة للتفكر لبضعة لحظات لماذا برع المسلمون بهذا الفن واشتهروا به؟
ببساطة لأن أجدادنا الأوائل في فترة العزة والنهضة الإسلامية كانوا قد تركوا ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم من تصوير ورسم ذوات الأرواح. وبالتالي اتجه تفكيرهم للإبداع في فنون مباحة فكان من هذه الفنون هو فن الزخرفة تحديداً في الشام والأندلس وشمال أفريقيا وأيضا خراسان وما حولها.
وكما نعلم لو أن رسم وتصوير ذوات الأرواح مباح لوجدنا في المساجد من هذه التصاوير مثلما يوجد بالكنائس والمعابد لغير المسلمين. فهل وجدت مثل تلك الرسوم في مساجد المسلمين قديماً أو حديثاً؟
عن عائشة أم المؤمنين أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير فذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة . رواه البخاري ( 417 ) ومسلم ( 528 )
كما نعلم أن كبار رسامي أوروبا الذين لا يزالون إلى اليوم يعتبرون من أعلام "فنون" الرسم المختلفة بل أصبح الرسم مقسم على مدارس كل مدرسة متصلة بأسلوب أحدهم قد كانوا من رسامي الكنائس في إيطاليا وأوروبا.
خلاصة هدفي من الموضوع:
- تبرءة الذمة أولاً.
- نصيحة أخوية بأن نضع إبداعنا ضمن الإطار الذي حدده لنا ديننا الإسلامي الحنيف وهو ليس بضيق أبداً كما ينعته الكثيرون.
في الختام
درجة اقتناع الناس تتفاوت حسب ما أراه
فمنا من يحتاج فقط إلى آية واحدة أو حديث صحيح ليأخذ بالأمر أو بالنهي عن شيء ما, والبعض يحتاج لأكثر من ذلك والبعض إن كان يجد أن الأمر في عقله جائز فلن يقتنع ولو كان القرآن الكريم كله يدور حول هذا الأمر بتحليل أو بتحريم.
وإذا ثبت لك كمسلم في أي مسألة تخص ضوابط الدين الإسلامي, فعليك الامتثال لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم, فهذا ما أمر به الله وهذا ما ارتضاه الله لك كمسلم.
وأسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
وأن نكون من الوقافين عند أوامر الله ونواهيه
خالص التحية للجميع
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته