بداية وقبل كل شئ , لا أعلم حقيقة كتابة هذا الموضوع , كاتب الموضوع كان يريد الإستفسار عن معنى الأحاديث ولم يقتنع رغم أنه قال أن نفس الكلام قاله شيخ له في أرض الواقع.
ورغم تكرار التنبيه بأن الأحاديث صنعة صعبة للغاية , لن أقول هي أساس الدين والملة , فأهل الحديث هم من نقحوا السُنة من الموضوعات والأكاذيب فالقرآن محفوظ بأمر الله ولا يستطيع أحد أن يبدل آياته وإلا انكشف أمره عكس السُنة المطهرة , والسُنة هي الشارح لقواعد الدين وهي عموده , فمن ضربها فقد ضرب الدين في مقتل , وهذا مسلك المنافقين وأعداء الإسلام منذ قرون طويلة , لكن الله أصطفى من خلقه عبادًا يقومون على حراستها وتنقيحها من الأباطيل والدفاع عن الصحيح منها فخرج عِلم الرجال , الذي قال عنه عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى ( لولا علم الرجال لقال من شاء ما شاء ).
مسار الموضوع إنحرف إلى التشكيك في الأحاديث ( الصحيحة ) بل هي أصدق الكتب بعد القرآن الكريم , بدعوى أنها لا تتماشى مع العقل!
وظن هؤلاء أنهم يحبون السُنة أكثر من البخاري ومسلم والنسائي والترمذي وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك وووو.............................................................
ظن هؤلاء وهم واهمون أنهم بهذا يخدمون الدين والملة , العجيب أنهم كلهم لا يشتغلون بصنعة الحديث ولا أريد أن أقول أن منهم من قد لا يُحسن الوضوء ومنهم من لا يقيم الصلاة من أساسه وتجده يقول عندي عقل وعندي فهم , فبئس الأفهام وبئس العقول لأنها ليست عقول وإنما هي ( هوى ) والهوى كما أسلفت لا يورد صاحبه إلى المهالك , وهل هناك مهلكة أشنع من ( جهنم )؟!
قلت لو مشينا بمبدأكم ألا وهو وضع كل شئ تحت منظار العقل ( كما يتوهمون ) , ألن يكن المسلمين عبادًا للأوثان ؟!
ما الذي يفرق الطواف حول الكعبة عن الطواف حول اللات والعزى , أليس كلاهما أحجار ؟!
فإن قالوا الطواف عن الكعبة يختلف , نقول لهم إذًا مبدأكم قاصر وفاسد , وإن قالوا تشابهوا فيكونوا هدموا الركن الخامس من أركان الإسلام وكذبوه ويكونوا خرجوا من الملة!
الله تعالى حكى عن سد يأجوج ومأجوج في القرآن الكريم , فأين هو الآن ؟!
ألسنا في عصر الإتصالات المفتوحة والأقمار الصناعية التي تكشف كل مكان ؟
فلو إستخدمنا نفس منطقهم الفاسد والقاصر سنكون أمام خيارين:
1- السد غير موجود إذًا , نكذب القرآن إذًا نكون كافرين!
2- نقول بل نصدق الله تعالى وفي هذه الحالة يكونوا مخالفين لمبدأهم الفاسد والقاصر وعليه فعليهم الرجوع للحق.
طيب السؤال الآن , هل ( العقل ) يتنافى مع الإسلام ؟
أقول , سبحان الله!
وهل تقبل عبادة إلا من ( العاقل )؟!
فكيف يتعارض الإسلام مع العقل؟!
الإسلام يأمرك بالتفكر والتدبر وإستخدام العقل , لكن المشكلة أن الكثيرين يخلطوا ما بين العقل و ( الهوى ) فتجده يعتقد ثم يستدل , هو إعتقد بأمر معين فتجده يبحث في كل السُبل عن أي شئ يؤيد معتقده الفاسد , رغم أن الإعتقاد هو المرحلة الأخيرة في خطوات البحث العلمي الممنهج , فالبداية هي تحديد الموضوع ثم الإستدلال ثم الإعتقاد.
فلماذا نخالف تلك القاعدة العلمية عند التعهامل مع الدين؟!
الإعتقاد ثم الإستدلال هو منهج الكافرين والمشركين , الرسول صلى الله عيه وسلم يأتيهم بآية , يقولوا تارة شاعر , وتارة مجنون , وتارة به مس من الجن , رغم أنهم يعلمون مدى صدقه فلماذا هذا ؟!
لأنهم خالفوا أصل التفكير الممنهج , هم بدأو ببناء الدور السادس عشر ثم الخامس عشر حتى وصلوا للطابق الأول!
الله ختم على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم , وتلك هي الموارد التي يستقي العقل منها الفهم , فماذا يحدث عندما تجف تلك الموارد , فهم ( لا يعقلون ).
والتكملة في الرد القادم إن شاء الله تعالى.