أخوتي في الله ..
أكثر الخلائق على طبع ردي لاتقّومه الرياضة. لايدرون لِمَ خُلِقُوا ولا المراد منهم. وغاية همتهم حصول بغيتهم من أغراضهم. ولايسألون عند نيلها مااجتلبت لهم من ذم. يبذلون العرض دون الغرض، ويؤثرون لذة ساعة، وان اجتلبت زمان مرض، يلبسون عند التجارات ثياب محتال، في شعار مختال، ويُلَبَّسون في المعاملات، ويسترون الحال.
ان كسبوا فشبهة، وان أكلوا فشهوة، ينامون الليل وان كانوا نياماً بالنهار في المعنى، ولانوم بهذه الصورة، فإذا أصبحوا سعوا في تحصيل شهواتهم بحرص خنزير، وتبصيص كلب، وافتراس أسد، وغارة ذئب، وروغان ثعلب، ويتأسفون عند الموت على فقد الهوى، لاعلى عدم التقوى. ذلك مبلغهم من العلم. كيف يفلح من يؤثر ما يراه بعينه على ما يبصره بعقله؟ وما يدركه ببصره أعز عنده مما يراه ببصيرته.
تالله لو فتحوا أسماعهم لسمعوا هاتف الرحيل في زمان الإقامة يصيح في عرصات الدنيا: تلمحوا تقويض خيام الأوائل. لكن غمرهم سكر الجهالة، فلم يفيقوا إلاّ بضرب الحد.
من كتاب (صيد الخاطر) للإمام إبن الجوزي
ولاتنسوني بالدعاء ...... وجزاكم الله خير
------------------
رب أخ لك لم تلده أمك