هشام عبدالرحمن المتسابق السعودي الوحيد في برنامج ستار اكاديمي له روح ظريفة إلى حد أصبح كل كلمة يقولها تعد نكتة تغرورق لها عيون أصحابه في الأكاديمية وأصبح يقول عنه مدرسوه اللبنانيون الصارمون أن له صوتاً كبيراً وشخصية «مهضومة» جدا. زملاؤه أصبحوا يلاحقونه لأنه يطلق عليهم تعليقات شديدة الظرافة ودائما مايقومون بتدبير مؤامرة لضربه ويطارودنه ويهرب ويتوارى عنهم و يمسكون به في النهاية ويوجهون لها لكمات مزاح ويتعهد هو انه لن يقوم بالتعليق على سحناتهم مجددا ولا تمر دقائق حتى ينقض العهد ويطلق على أحدهم نكتة ساخرة تفرقع لها ضحكات الجميع. يترك كل هذا أثره على ارواحنا المرهقة ويمثل بالنسبة لها مسحة مرح شفافة ونادرة تعقبها اوقات طويلة من النكد والمنع والتحريم والضحكات المبتورة بسبب منشئها الشيطاني. الآن هناك من يتنطع ويتحدث عن الشرف والأخلاق ليحرمنا من هذه الأوقات المبهجة والصافية . هذه المزايدات تجلب لحظات من الحزن العميق التي تزيد من قتامة حياتنا اليومية وتجعل الشخص يفكر بأن هذه الأرض غير صالحة أبدا للمرح.
المناخ الذي خلقه هذا الشاب الظريف يصلح ليكون عملاً دعائياً مناسباً لإصلاح سمعة الشخصية السعودية التي تضررت كثيرا خلال الأعوام الماضية بفعل أشخاص مناقضين تماما لشخصية هشام الجذابة والمحبوبة. ولكن شركة الإتصالات أوقفت وسائل التصويت على البرنامج متخذة موقفاً عدائياً منه بحجة أن البرنامج لا يتناسب مع قيم المجتمع السعودي. لم يطرأ على أي دولة في العالم التفكير بمثل هذا الامر وعندما تقوم الصحف بنشر مانشيتات عريضة حول وقف المشاركة في البرنامج فسيرفع الكثيرون حواجبهم وهم يستعيدون صفة العقلية الضيقة المنعزلة المتعصبة التي أرتبطت بالسعوديين.
الحديث عن القيم يبدو مفخماً وكبيراً إلا أنه في الحقيقة ينطوي على منطق شديد الإهتراء. السعودية ليست قرية نائية في الصحراء قد يجوز ان يلتقي رجالها ونساؤها ورعاة غنمها على قيم واحدة ولكنها بلاد شاسعة متلونة الأجناس والأعراق والأفكار ولا يمكن إرغامها على إرتداء ملابس قيم شريحة من المجتمع تفرض عقيدتها الفكرية الخاصة على الجميع. هناك من يسمح لابنته بالسفر وحيدة والدراسة في أوروبا وهناك من يحرم صوت المرأة.
فأي قيم تجمع بين هذين الشخصين اللذين يعيشان في فلكين مختلفين في كيفية فهم الحياة. الكثيرون يتحدثون عن القيم المثالية مع أن اكثر الذين يرسلون على القنوات الفضائية الغنائية والتي تعرض اغاني مبتذلة هم السعوديون ويقومون من خلال هذه الرسائل بتبادل ارقام الهواتف ولا تعثر إلا على مشاركات قليلة من بقية البلدان العربية مع أنها تفتح خطوطها دائما. المنع وسيلة سقيمة جدا. إن العمل الحقيقي يجب أن ينصب على ثقافة المجتمع لجعلها تبدو أكثر إنسانيةً وإحتراماً للآخرين وتتعامل مع المرأة كإنسانة وليس كمثيرة للخيال الجنسي ومنح بعد ذلك الثقة في افرادها وجعلهم احراراً في خياراتهم وأذواقهم ولكن ليس على طريقة المدرس الذي يلوح بعصا غليظة أمام وجوه الأطفال المهذبين والذين يرجمون بعضهم بكور من الأوراق من تحت الطاولات.
من المسيء حقا في زمن الحريات والإعلام المفتوح وتحرك العالم نحو الانفتاح أن يقوم أحد بلعب دور الوصاية الأبوية التي تمنعك بشكل مغيظ من حرية القيام بإرسال رسالة sms تافهة بسبب كما يقال حرصهم على اعتدال سلوكك. هذا الأمر قد يصلح لمخاطبة الأطفال والمراهقين ولكن هناك الكثير من النساء والرجال من تجاوزت أعمارهم الأربعين ممن يملكون هواتف محمولة ويريدون القيام بإرسال رسائل صغيرة جدا. سيكون العمل الصحيح هو إعادتهم من جديد للمدارس لتقويم سلوكهم!! . ( منقول من موقع العربية - بقلم الاستاذ :ممدوح المهيني )
تحياتي