1.1.9 رأي الشريعة
هذه الفقرة لا تهدف لتقديم فتوى؛ فنحن غير مؤهلين وهناك من هم أقدر منا وهي ليست أكثر من عمل هواة الهدف منها تسليط الضوء على أمور بسيطة ومعروفة وفتح المجال للمشاركة والحوار.
قال تعالى "وتعاونوا على البر والتقوى" ولكن حقوق الملكية الفكرية واتفاقيات المستخدم الأخير EULA ليس فقط تحد من حرية الناس في التصرف في ما اشتروه ودفعوا ثمنه، بل تمنع الناس صراحة من تشارك ما يمتلكون بل والمعارف الناتجة عمّا يمتلكون التي حصلوا عليها من المنتج؛ فلا يجوز وفق حقوق الملكية لأغلب الكتب أن تأخذ/تكتب ملاحظاتك الخاصة حول جزء من الكتاب وتمريرها لصديقك (يمنع نسخ جزء من الكتاب أو تلخيصه أو ...) وربما تمنع حتى من نقلها شفاهية (مثل اتفاقيات عدم المكاشفة nondisclosure agreement). باختصار تقدم حقوق الملكية مصلحة أفراد هم صانعي/ناشري البرامج على مصلحة الناس. وربما وعلى سبيل المبالغة تمنعك من حفظ هذه المعلومات في دماغك حيث تنص "يمنع حفظ أو إعادة إنتاج بأي وسيلة إن ورقية أو ميكانيكية أو إلكترونية أو أي وسيلة أخرى" أو حتى تمنع من التفكير فيما تملك دون إذن خطي من الناشر (مثل بند منع الهندسة العكسية). حقوق الملكية باختصار
تمنع تعاون الناس. مثلاً لا يحق لك وفق EULA إعارة الأقراص التي تمتلكها لصديقك حتى لو ضمنت أنه لن ينسخها.
نظرة من جهة أخرى قد ذكرنا الحديث الذي لا يجيز كتم العلم وهو صحيح، وعرفنا أنه في السابق كان لا يجوز قبض المال مقابل العلم بل ثمن النسخ أو بدل الجهد والوقت وكانت الدولة تتكلفل بالتعليم. وأن هذا تغيّر عبر الزمن وأعيد النظر فيه لأسباب منها "الواقع" كي لا نتهم ب"الجمود" ومنها طبعاً ضغط الشركات المنتجة/المالكة للبرامج التي تخوفنا من "خسائر اقتصادية" مزعومة لجلب الاستثمارات في مجال صناعة البرمجة وتطلب منا إعطاءهم الحق في حجب المعلومات عن الناس تحت بند "المصلحة العامة" (كأن مصلحتهم هي المصلحة العامة) ، وقلنا أن هذا لم يعد صحيحاً كما يقول ريتشارد ستالمان وأن مشروعه أصبح مطلباً دولياً (برعاية ال UNISCO) وأن الشركات الحرة تجد صعوبة في الاستثمار بسبب براءة الاختراع الحصرية الخاصة بالخوارزميات وإتفاقيات عدم المكاشفة وأن الدولة والشركات تخسر بسبب الجهود المتضاربة وإعادة اخترع العجلة (الكل يقوم بنفس العمل بدلاً من إضافة جديد لأنه مكتوم) فأصبح لدينا خسائر إقتصادية حقيقية تستوجب إعادة النظر من جديد في إعدة النظر.
البيوع بيعان بيع سلعة أو بيع خدمة. ولكن بيع الإذن بالسماح للطرف الآخر بالاستعمال على وجه محدد فقط، والذي أسميناه EULA الذي تقوم عليه معظم البرامج المملوكة ليس هذا ولا ذاك لأنه لا يبيعك الأقراص فتصبح حر التصرف بها(نسخاً وإعارة ...) ولا يبيع البرمجيات لأنها غير مادية (ما لا يمكن تسليمه) ولا يبيعك خدمة الدعم (لو أنه يبيعك خدمة الدعم لسمحوا بالنسخ لأن هذا يزيد الطلب على الخدمة) بل هو أقرب إلى التأجير (يعطونك أقراص ويقولون لك هي لنا وأنت تستعملها على الوجه الذي يحدده العقد) ولكنه يفتقد إلى معظم شروط عقد التأجير ومنها أن الأجرة ليست دورية بل مطلقة تدفع مرة واحدة ومنه أنها أي الأجرة أغلى من ثمن المأجور (سعر القرص مع أجرة النسخ أقل من دولار ولكن سعر EULA يتراوح من 50 إلى عدة آلف دولار).
من البيوع المحرمة بيع الشيء على غير وجه استعماله "كومة الحديد" ، كأن يذهب شخص(عادي وليس تاجر خردوات) ليشتري تلفاز مستعمل فيسأل البائع "هل يعمل ؟" فيرد "خذه كما هو دون تجربة ككومة حديد" هذا خطأ والأصل أن يرد "إنه يعمل جربه كما تشاء داخل محلي" أو "إنه معطل به عيب كذا كذا" أو "لا أعرف أحضر من تريد ليفحصه" ، هذا البيع لا يختلف كثيراً عن بيع برامج دون ملفه المصدري الذي يلزم لفحصه ومراجعته وإصلاحه وتطويره. البيع نقل ملكية ويصبح للمشتري كامل الحرية فلا يجوز للبائع تحديد طرق استعماله "مسمار جحا" أو باللغة الإنجليزية "الصندوق الأسود" كأن يقول "بعتك إياه على أن لا تفتحه" أو "على أن تستعمله من الساعة كذا إلى كذا فقط" هاتان تشبها منع الهندسة العكسية . أو "على أن لا تصلحه إلا عند فلان وبالسعر الذي يحدده فلان" ، وهذا يشبه عدم توفير المصدر فلا تتمكن من إصلاح/تطوير البرنامج إلا عند من يمتلك المصدر وبالسعر الذي يحدده وهو الشركة نفسها فقط. أي أن نقل الملكية تستلزم توفير الحرية الكاملة للمشتري التي تستتلزم توفير المصدر.
لا يجوز بيع سلعة لا يمكن الاستفادة منها وحدها أو لا يمكن تسليمها كبيع السمك في البحر أو بيع القمح بالحبة أو بيع السيارة دون مفتاحها أو بيع السيارة بدولار والمفتاح بألف. هذا يشبه بيع جهاز الحاسوب(دون أي برنامج أو نظام تشغيل) الذي لا يعمل إلا بنظام تشغيل وبيع النظام بمبلغ أعظم بكثر. أو بيع طابعة دون تعريف أو مع تعريف مغلق المصدر (يستلزم عمل الطابعة على أنظمة التشغيل المختلفة توفير تعريف لكل واحد موجود أو سيوجد ففي حال ظهور إصدار جديد من النظام فإن التعريف الجاهز القديم لن يعمل وحتى تعمل الطابعة فأنت بحاجة لاستعمال المصدر الذي لم تعطتك إياه الشركة فإذا كانت الشركة توقفت عن إنتاج الطابعة أو أفلست فإن طابعتك لن تعمل مجدداً أو ربما تبيعك إياه شركة أخرى أي أنك دفعت الثمن مرتين مرة للشركة الصانعة ومرة للتعريف) مثال اشترى أحمد مودم SM56 للإتصال بالإنترنت ووفرت الشركة تعريفه على معظم الأنظمة بما في ذلك النظام win98 الذي يستعمله أحمد ثم أوقفت إنتاجه وإنتاج تعريفاته ثم اشترى أحمد كاميرا إنترنت حديثة تعريفها موجود ضمن نظام WinME وما هو أحدث (لا يتضمن 98) فإذا فرضنا أن أحمد قادر على شراء Win98 و WinME معاً فإنه سيكون قادر على تشغيل الكامير والمودم بشكل منفصل فقط أي لا يمكنه الجمع بينهما واستعمالها للغاية التي دفع نقوده من أجلها وهي ارسال صوره عبر الإنترنت.
ملخص الكلام أننا بحاجة لأن يقوم العلماء إعادة النظر وضرورة الإنتباه من الوقوع في المغالطة والمبالغة التي قامت SPA بنشرها وإخبارهم أن ما افترضوا أنه "مصلحة عامة" لم يعد كذلك. (ملاحظة استخدمت كلمة "فلسفة" في هذا الفصل بمعنى "هدف")