حياكم الله يا شباب،
افرض أنك تخطط لتقديم خدمة استضافة، أو خدمات تطوير وبرمجة وتصميم. حددت هذا التوجه لأنك تتقنه أولاً، ولأنك تشاهد أن الكثيرين يحتاجون ويطلبون مثل هذا النوع من الخدمات ثانياً.
أو افرض انك اخترت أن تقوم بالعمل على موقع ويب 2، فكرته فريدة ولم يسبقك عليها أحد لا على المستوى العربي ولا حتى المستوى العالمي.
دوّنت خطة العمل في أسبوع، واخترت طاقم العمل في شهر، وأنهيت كل شيء في ثلاثة أشهر، وصرت جاهزاً الآن لإطلاق خدماتك إلى الناس بعد صرفت آلاف أو حتى عشرات الآلاف أو ربما مئات الآلاف من الريالات، في تصور وتوقع منك بأنك لن تتمكن من تحمل الإقبال الهائل الذي سيأتيك، لتتفاجأ بأحد الأمرين:
في مثل هذه الحالة، أنت أمام خيارين، أحلاهما مر:
- لم يأتِ أحد ليستخدم خدمتك لأن السوق "متشبع" مما تقدم
- فكرتك الفريدة لم يفهمها أحد، أو لا أحد يريدها. هذا صحيح، فالكثير منا يغيب عن باله أن هناك الكثير من الأفكار قد تكون سابقة جداً لأوانها.
حسناً، كان بامكانك تلافي مثل هذا الوضح الحرج الذي لا يحسدك عليه أحد، لو أنك اعتمدت على الاحصائيات والأرقام، وأدرجتهم في خطة عملك، ودراسة جدواك لمشروعك.
- إما أن "تشيل عفشك" وتبحث عن فكرة أخرى
- أو أن يكون لديك ما يكفي من "النفس الطويل" ، ورأس المال، ما يجعلك تنتظر لسنتين أو خمس حتى تدخل بشكل أكبر في السوق، أو يكون الوقت المناسب لفكرتك قد حان
كيف؟ الأمر كالتالي:
عندما تفتح خدمة استضافة مثلاً، فقط لأنك ترى الكثيرين يبحثون عن هذه الخدمة ويكتبون عنها في المنتديات، هذا غير كافٍ أبداً، ويعتبر خطأ فادح.
عندما تنشيء فكرتك لأنك مؤمن بها وتعتقد أنها مبتكرة وفريدة من نوعها، وتكاد تجزم بأنها ستخدم الكثيرين من الناس لأنك ترى نفسك بأنك تحتاجها، ولأنك سألت من حولك وأشادوا بها ، وفقط، هذا غير كافٍ أبداً، ويعتبر خطأ فادح كذلك.
الذي يفتح مطعماً لأنه يرى بأن الكثيرين يفتحون مطعماً ويقبل الناس عليهم، وفقط، فهو مخطيء حتماً.
هل سألت نفسك يوماً، كيف تدخل مثلاً hp سوق أجهزة الكمبيوتر المحمول في وقت متأخر بعد توشيبا و Sony و Aser دون أن تقلق؟
أو كيف تدخل Apple في سوق الجوالات بالـ iPhone بعد أن أشبعته Nokia و Sony Erricson و Samsung بالخيارات والموديلات المتعددة؟
أو لماذا يستطيع KasperSky أن يدخل لسوق برامج الحماية الشخصية رغم سيطرة Symantec و Mcafee عليه لعدة سنوات؟
أو حتى أوصل الفكرة بشكل أبسط: لماذا لا تقوم شركة الإتصالات السعودية بتحسين خدمة الإتصال بالإنترنت حتى الآن، رغم أن خدمة الجوال متقدمة لدينا بشكل كبير ومنذ وقت طويل؟
الإجابة على كل الأسئلة أعلاه هي: حجم السوق.
hp علمت بأن المبالغ التي يدفعها الناس على شراء أجهزة الكمبيوتر المحمول في عام 2001 كانت تقدر تقريباً بحوالي 21 مليار. وفي عام 2005 ارتفع المبلغ ليكون حوالي 182 مليار دولار. أي أنها لو حصلت فقط على نسبة 1% من السوق، هذا يعني أنها حصلت على ملياري دولار. هذا يعني أنه سوق يشجع جداً للدخول إليه
Apple عندما دخلت بالـ iPhone في عام 2007، لم يكن الابتكار الذي فيه كافيأً لدخول السوق، لولا أنها كانت تعرف بأن حجم السوق في عام 2007 لوحده قد وصل تقريباً لـ 1.5 بليون دولار (أي حوالي 1500 مليار دولار)، أي لو حصلت على على نسبة 1% فقط من السوق، هذا يعني أنها ستحصل على 15 مليار دولار، وهو المبلغ المناسب جداً للدخول
نفس الحال مع البقية. كلهم حددوا حجم السوق، عدد المبيعات، كم يدفع الناس على هذه المنتجات، وبالتأكيد ماذا يريدون فيها ومالذي يمكن أن نبتكره فيها ليتحولوا إلينا.
قبل أن تدخل إلى أية عمل، عليك أن تقيس حجم السوق قبل أن تقيس مدى عبقرية فكرتك.
قد تبيع أكثر الأشياء تقليدية في أمريكا وتجني ثروة منها، بينما لا تتمكن من الترويج عن جهاز واحد غاية في الابتكار بنيجيريا
ولهذا فإن الشركات الكبيرة ملئى بالأفكار والابتكارات التي لا تفضل أن تظهرها الآن، وتنتظر الوقت المناسب، الفرصة المناسبة، السوق المناسب لإظهارها فيه.
تذكر دائماً أن حماسك للأمر وشوقك له، وحماس من حولك وشوقهم له، لا يعبر عن السوق بكامله.
كم شخص في السعودية يريد سرعة 10 ميجا قبل خمسة سنوات في السعودية لتتكبد الإتصالات السعودية عبء وميزانية تجهيزها إبّان تلك الفترة؟
الإمكانات، ليست مبرراً كافياً بذاتها لأن تستخدمها. يجب عليك -قبل ذلك- أن تعرف متى تستخدمها ، إلا أن كان هدفك إنسانياً لا تجارياً
لذا قبل أن تظهر بفكرتك الجديدة، أو تدخل في مشروع يكثر فيه المنافسين، عليك أن تقيس سلوك الناس ومدى تقبلهم لما ستفعله، وحجم السوق، وكم يدفع حالياً على مثل هذه الأفكار أو كم يمكن أن يدفع في حال كانت جديدة.
للحصول على ذلك كله أو بعضه، يجب عليك الرجوع للمكاتب التي تقدم خدمات الاستشارة والخدمات المالية، والتي تقوم بدورها بالمسح الميداني للسوق، وعمل الاستبيانات في الشارع العام، لمعرفة كم حجم السوق، أو كيف سيتلقى الناس فكرتك، أو منتجك الجديد.
اليوم، وفي ظل دخول الكثيرين من الناس إلى الإنترنت، من كل شرائح المجتمع، نجد الفرصة سانحة لعمل مثل هذا المسح (أون لاين)، وعمل الاستبيانات هذه (أون لاين) ، وبأنفسنا، وبتعاوننا معاً، دون الحاجة للعودة إلى تلك الشركات ودفع الكثير من المال!
لهذا قمنا بعمل موقع "احصائيات". لنخلق بيئة حرة ومفتوحة للحصول على هذه المعلومات والأرقام الغاية في الأهمية، بشكل مجاني، وللجميع.
سأكون سعيداً بمشاركتكم في الاستبيانات التي تطرح في الموقع من وقت لآخر، وبترويجكم له في مواقعكم ومنتدياتكم ، وعلى أصدقاءكم وأقاربكم. لأنه يهمنا كلنا، و يعود علينا كلنا بالفائدة، وبالتساوي.
كما أنني سأكون أكثر من سعيد لسماع مقترحاتكم وانتقاداتكم و وجهات نظركم المختلفة.
شكراً لكم جميعاً
محمد