سؤال الى السعودية والكويت :
ما الجدوى من إسقاط الديون عن العراق ?
إذا صحَّت الأنباء التي أوردها الناطق باسم الحكومة العراقية من أن السعودية والكويت على وشك الإعلان عن إسقاط ديونهما على العراق، فإن هذه الظاهرة تدعو الى التفكير والتأمل. وقد سبق لدولة الإمارات العربية المتحدة أن أسقطت عن العراق ديونها البالغة نحو 7.5 مليارات دولار. أما قيمة الديون السعودية والكويتية فهي أكثر من ذلك بكثير وتناهز العشرين مليار دولار. والسؤال هو: بأي منطق، بل وبأي حق يتم ذلك? ولماذا لمصلحة العراق تحديداً? ومثل هذا الأمر - إذا حدث - يثير الكثير من اللغط وربما الغضب في الشارع العربي لأسباب عديدة...
منها أولاً، إن العراق ليس دولة فقيرة، بل هو دولة غنية ولديها ثروات طبيعية نفطية ومائية وغيرهما على نطاق واسع.
ومنها ثانياً، إن الشعب العراقي الذي أثخنته الجروح وأفقره الاحتلال والفساد، يستحق كل المساعدة المطلوبة، غير أن هذه المساعدات لا تصل اليه وإنما تتعرض للنهب والسرقة مثلها مثل بقية موارد العراق.
ومنها ثالثاً، إن العراق ينتج أربعة ملايين و200 ألف برميل من النفط يومياً، وهناك نسبة كبيرة من هذا الانتاج تستولي عليها مافيات لسرقة النفط بالتعاون مع عصابات متعاملة مع الاحتلال الأميركي وبحمايته، وتقدر قيمتها بمليارات الدولارات، وهي كافية وحدها - متى توقفت السرقات - على مساعدة العراق للوقوف والانطلاق من جديد.
ومنها رابعاً، إنه في ظروف الاعصار المالي الذي يجتاح العالم اليوم، والخسائر الفادحة في البورصات العالمية والخليجية، فإن شعب السعودية وشعب الكويت والمقيمين على أرضهما أحق بهذه الأموال، من أن تترك الى مافيات العراق التي تأكل الأخضر واليابس، ولا يستفيد منها الشعب العراقي بشيء على الاطلاق.
ومنها خامساً، إن جزءاً من هذه الديون إذا تم استرداده يمكن إنفاقه بصورة أنفع وأجدى على دول وشعوب مستحقة أكثر مثل مصر والأردن وسوريا ولبنان والبحرين والمغرب، وليس لديها أي نسبة من ثروة العراق النفطية.
ومنها سادساً، وأخيراً إن أميركا أنفقت أكثر من تريليون (ألف مليار دولار) على حربها في العراق والوضع هو على ما نراه اليوم من فقر وفساد وانهيار واقتتال. في حين تسرق الميليشيات والعصابات والمافيات أكثر من 700 ألف برميل من النفط يومياً وتختفي ايراداتها في جيوب هذه العصابات المحمية من الفاسدين في النظام ومن الاحتلال نفسه.
وهنا يطرح السؤال العجيب: مع أكثر من تريليون دولار أنفقتها أميركا في العراق ماذا فعلت? دمرت هذا البلد الغني، وقسَّمته، وأقامت في شماله دولة مستقلة ناجزة للأكراد لا ينقصها الا الاعلان الرسمي. وعلى صعيد آخر، سؤال أخطر: كيف لم يتمكن نحو 140 ألف عسكري أميركي من حماية مسيحيي العراق من القتل والتهجير?
ومن المصلحة الوطنية والقومية أن تراجع السعودية والكويت هذا الواقع، وأن تدرسا جيداً مقدار الجدوى من إسقاط ديونهما على العراق، إذا كان في هذا من جدوى لهذا الإجراء على الاطلاق.
المصدر