لما لا؟
أنا ابنة الأرض.
أنا صرخة تراب هذا الوطن.
أنا فلسطينية.
لما لا؟ وقد عجِز الرجال وطُعِنَت الضمائر الحية.
من يرمم لي جداراً كتبت فوقه بالأمس تاريخي، وسطرت عليه أحلامي؟ من يعيد غرس شجر الزيتون الذي نقشت على جذوعه اسم بلادي؟ من يعيد لي أرضي؟ من يعيد لي خارطة بلادي؟
أُسدِلت الستائر وسقطت الأقنعة. لا ولن نرضى أن نبيع دم الشهيد.
كيف أنسى آهات أمي المفجوعة؟
أشباح الثأر تطوف حول مخيمنا. هذا أبي. وذاك أخي. وهو ابن عم لي.
اليوم أكتفي بسبعة عشر عاماً من الذل والهوان. سبع عشرة عاماً مرت دهوراً، خدشت الحجارة فيها قدماي الحافيتين. نمت فيها على أصوات معدةٍ خاوية، تتوق لطعم الزيتون. قضمت أظافري لأسكت جوعاً ينهش جسدي. أدفأت أناملي بأنفاسٍ ثقيلة حارقة، تحمل حقداً وكرهاً.
أكرهك يا من ملأت أجواء بلادي نعيقاً.
قف! تلك قدسي. ذلك أقصاي.
سيّجت حريتي. أرهبت طفولتي.
أجليتني وأهلي خلف الحدود، تحت الخيام، وسط العراء.
أجلس اليوم فوق بركان غضب.
اسمع تقلب اللهب في قلبي. اسمع غليان الدم في عروقي.
فدائيون.
نحن قادمون.
هيئوا الدنيا لنا، نحن عشاق الأرض، أبناء السنا.
آتيكم من بين جموع الرجال التي تزأر "الله أكبر".
الله أكبر.
الله أكبر تدوي من حولي.
الله أكبر وطني، أرضي. الله أكبر شعبي، أمتي!
موطني، اليوم أفديك بروحي. موطني، أسقيك اليوم دمي، فثبت به جذوري، وانتمائي. أحيي به شعبي. أغسل بهي قهري. وأفرش به سجاداً لعمر وصلاح الدين.
أمتي، اليوم أودع فيكم ضعفكم وقلة حيلتكم. أودع صمتكم. أودع أكماماً طويلة لم تُرفع لحمل سلاح.
أخي، إن كنت سبقتك اليوم، فلروحك أن تعانق سحاب الغد. اغضب. تمرد. فجر براكين أمتي الصامتة.
وتُحمل روحي إلى السماء على هودج.
أشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
"الفاتحة على روح الشهيدة بإذن الله: آيات محمد الأخرس، 18 عاماً، منفذة العملية الإستشهادية في القدس الغربية، الجمعة 29 مارس 2002