يتعرض الانسان خلال سفره للعديد من المواقف الطريفة والمحزنة ، ومازلت أتذكر هذا الموقف الذي لايزال عالقا في ذاكرتي حتى هذه اللحظة.
في احدى الدول الآسيوية خرجنا مع فوج أجنبي الى احدى الجرز السياحية ، والمشكلة أننا ابتلينا بامرأة ثرثارة لاتتوقف عن الكلام فمنذ أن تحركنا بالباص من أمام بوابة الفندق وهي ثرثر بالأحاديث والقصص والنكت ( البايخة) بشكل متواصل وسريع وكأن أحدا يطاردها بعصا..!!
نظرت الى أفراد أسرتها فوجدتهم في حالة يرثى لها حيث الصمت والوجوم والعبوس وكل الصفات التي تصيب الانسان عندما يشعر ( بالقرف)!! فأكملنا الرحلة على أمل أن تسكت المرأة ولكن دون جدوى ، الى أن وصلنا الى أحد السواحل القريبة ثم صعدنا على ظهر السفينة التي ستقلنا الى الجهة المقصودة ( والمرأة مازالت تثرثر)..!!
بعد تحركنا من الميناء أزعجني كثيرا صوت محرك السفينة ولكنه كان أخف وطأ من ازعاج تلك المرأة الثرثارة التي طغى صوتها على كل شيء فلم نستمتع بصوت البحر أو النوارس حتى المرشد السياحي المرافق لنا لم يكن صوته واضحا بشكل كاف لأن لسان المرأة كان في أحسن حالاته حتى أنني فكرت أن يتم ترشيحها للدخول في قائمة جينيس للأرقام القياسية فيما يتعلق أطول لسان في العالم..ولا أدري لماذا لم ترشح نفسها حتى الآن..!!
انتهى برنامج الرحلة وفي طريق العودة كان أغلب من في الباص قد أعياهم التعب والارهاق باستثناء تلك المرأة ( المذياع ) التي يبدو أن قصصها وسوالفها لم تنته بعد .. فبطارية لسانها مازالت مشحونة بالكامل ..وقد حاول البعض أخذ غفوة من النوم ولكنهم تراجعوا لأن الجو لايسمح .. وما أن وصلنا الى الفندق بسلام أحسست بنوع من الشفقة والعطف على زوجها (المسكين ) الذي تحملها طوال السنين الماضية..!!
(عيسى.ط)