بسم الله الرحمن الرحيم
توبة تحت الأمواج
* شاب عشق البحر وأحبه ، ولأجل ذلك اشترى مركب ليبقى في البحر أطول وقت ممكن ، كيف لا وقد أصبح الموج النغمة الحالمة التي يحب أن يسمعها دائما.
كان يتنزه مع أصدقاءه فأراد الله به خيرا فحدثت المفاجأة ، يقول م.ص.ر : كنت ذات يوم في البحر مع قاربي وحيدا ، أقطع الأمواج ، وكان الوقت قد قارب على الغروب ، وأنا أحب أن أبقى منفردا في هذه الساعة بالذات ، أعيش مع أحلامي ، وأقضي أجمل أوقاتي مع الأطياف ، وأنا وحيد على الماء الأزرق ، وفجأة حدث ما لم يكن في الحسبان ، رأيت القارب وقد اعتلاني ، وأصبحت بين الماء أصارع الأمواج والموت معا .
لم أستطع أن ألتزم بقارب النجاة أو بالطوق المعد لمثل هذه الحالات ، صرخت بأعلى صوتي : يا رب أنقذني ، صدرت هذه الصيحة من أعماق قلبي ، ولم أدر بنفسي.
غبت عن الوعي . . استيقظت ، أجلت بصري يمنة ويسرة ، رأيت رجالا كثيرين يقولون : ( الحمدلله ، إنه حي لم يمت ) ، ومنهم اثنان قد لبسا ملابس البحر .
قالوا لي : الحمدلله الذي نجاك من الغرق ، لقد شارفت على الهلاك ، ولكن إرادة الله كانت لك رحمة ومنقذا.
لم أتذكر مما مضى في تلك الحادثة إلا ندائي لربي .
دارت بي الدنيا مرة أخرى ، وأصبحت أحدث نفسي ، لماذا تجافي ربك ؟ لماذا تعصيه ؟ كان الجواب : الشيطان ، والنفس ، والدنيا . . . كانت تصرفني عن ذكر الله !!
أفقت من دواري ، قلت للحاضرين : هل دخل وقت العشاء ؟ قالوا : نعم .
قمت بين دهشة الحضور ، توضأت وصليت ، قلت : واعجبا ! هل حقيقة أني أصلي ؟! لم أكن أؤدي هذه الصلوات في حياتي إلا مرات قليلة جدا ، وفوق ذلك رحمني ربي وأكرمني بجوده ومنه .
عاهدت ربي ألا أعصيه أبدا، وإن أزلني الشيطان أستغفر ، فإن ربي غفور رحيم .
وبقيت متخوفا ألا يقبل الله توبتي حتى قرأت هذه الآية ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).
وتذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن التوبة تجب ما قبلها ) .
فاطمأنت نفسي ، واستكانت ، وعرفت أن الله جواد كريم يفرح بتوبة عبده مهما بلغت ذنوبه.
أسأل الله أن يتوب علي وعليكم وعلى المسلمين أجمعين ، إنه سميع مجيب .
واغرورقت عيناه بالدموع وانفجر باكيا حتى أبكانا معه .
تمت