بسم الله الرحمن الرحيم
نجوم ذهبوا ...ولم تذهب سيرتهم
فتعالوا نتعرف عليهم ونعش معهم كل ليلة من ليالي رمضان مع نجم من .....نجوم أضائوا سماء الإسلام
وتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم .................. إن التشبه بالكرام فلاح
19- كعب بن مالك
رضي الله عنه
" أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك "
حديث شريف
قال كعب بن مالك -رضي الله عنه- يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- في غزوة تبوك ...
تخلفه عن بدر
لم أتخلف عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزاة غزاها قط الا غزاة تبوك ، غير أني كنت تخلفت في غزاة بدر ، ولم يعاتب أحد تخلف عنها ، وانما خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يريد عير قريش ، حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد ، ولقد شهدت مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليلة العقبة حين تواثقنا على الاسلام ، وما أحب أن لي بها مشهد بدر ، وان كانت بدر أذكر في الناس منها وأشهر...
حاله في تبوك
وكان من خبري حين تخلفت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك ، أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزاة والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتها في تلك الغزاة...
وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلما يريد غزوة يغزوها الا ورى بغيرها ، حتى كانت تلك الغزوة ، فغزاها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حر شديد ، واستقبل سفرا بعيدا ومفاوز ، واستقبل عددا كثيرا ، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة عدوهم ، فأخبرهم وجهه الذي يريد، والمسلمون مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- كثير ، لا يجمعهم كتاب حافظ ( الديوان ) . قال كعب : فقل رجل يريد أن يتغيب الا ظن أن ذلك سيخفى عليه ، ما لم ينزل فيه وحي من الله عز وجل ...
تباطؤه في التجهيز
وغزا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك الغزاة حين طابت الثمار والظلال ، وأنا والله أصعر (أميل للبقاء) ، فتجهز اليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنون معه ، فطفقت أغدو لكي اتجهز معهم فأرجع ولم أقض من جهازي شيئا ، فأقول لنفسي : أنا قادر على ذلك ان أردت !..فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى استمر بالناس بالجد ، فأصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غاديا والمسلمون معه ، ولم أقض من جهازي شيئا ، وقلت : أتجهز بعد يوم أو يومين ثم ألحقه !..فغدوت بعدما فصلوا (خرجوا) لأتجهز فرجعت ولم أقض من جهازي شيئا ، ثم غدوت فرجعت ولم أقض من جهازي شيئا ، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو (فات وقته) ، فهممت أن ارتحل فألحقهم ، وليت اني فعلت ، ثم لم يقدر ذلك لي فطفقت اذا خرجت في الناس بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحزنني أني لا أرى الا رجلا مغموصا (متهما) في النفاق ، أو رجلا ممن عذره الله عز وجل ...
الرسول يسأل عنه
ولم يذكرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى بلغ تبوك ، فقال وهو جالس في القوم بتبوك :( ما فعل كعب بن مالك ؟!)...فقال رجل من بني سلمة :( حبسه يا رسول الله براده والنظر في عطفيه )...فقال معاذ بن جبل :( بئسما قلت ، والله يا رسول الله ما علمنا عليه الا خيرا )... فسكت الرسول -صلى الله عليه وسلم- ...
عودة الرسل من تبوك
قال كعب بن مالك : فلما بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد توجه قافلا من تبوك حضرني بثي ، وطفقت أتذكر الكذب وأقول :( بماذا أخرج من سخطه غدا ؟!)...وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهلي ، فلما قيل ان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أظل قادما زاح عني الباطل ، عرفت أني لم أنج منه بشيء أبدا ، فأجمعت صدقه...
صدقه مع الرسول
فأصبح الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكان اذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى ركعتين ، ثم جلس للناس ، فلما فعل ذلك جاءه المتخلفون ، فطفقوا يعتذرون اليه ويحلفون له ، وكانوا بضعة وثمانين رجلا ، فيقبل منهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علانيتهم ، ويستغفر لهم ، ويكل سرائرهم الى الله تعالى ، حتى جئت . فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب ، ثم قال لي :( تعال !)...فجئت أمشي حتى جلست بين يديه ،فقال لي :( ما خلفك ! ألم تكن قد اشتريت ظهرا ؟!)...فقلت :( يا رسول الله ، اني لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن أخرج من سخطه بعذر ، لقد أعطيت جدلا ، ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم بحديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي ، ولئن حدثتك اليوم بحديث تجد علي فيه اني لأرجو عقبى ذلك من الله عز وجل . ما كان لي عذر ، والله ما كنت قط أفرغ ولا أيسر مني حين تخلفت عنك )...قال : فقال الرسـول -صلى اللـه عليـه وسلم- :( أما هذا فقد صدق ، فقم حتى يقضي الله فيك )...
فقمت وقام الي رجال من بني سلمة وأتبعوني فقالوا لي :( والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا ، ولقد عجزت ألا تكون اعتذرت الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما اعتذر به المتخلفون ، فقد كان كافيك من ذنبك استغفار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لك )...قال : فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي ، قال : ثم قلت لهم :( هل لقي هذا معي أحد ؟)...قالوا :( نعم ، لقيه معك رجلان ، قالا مثل ما قلت ، وقيل لهما مثل ما قيل لك )...فقلت :( فمن هما ؟)...قالوا :( مرارة بن الربيع العامري ، وهلال بن أمية الواقفي )... فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا ، لي فيهما أسوة ... قال : فمضيت حين ذكروهما لي...
المصادر:
- الإصابة في تميز الصحابة للحافظ ابن حجر العسقلاني
-
موقع الصحابة