بالرغم من بعد هذا الموضوع ظاهراً عن أهداف هذه القائمة و التي تتعلق بتصميم المواقع ، إلا أن الدرر التي سوف أنثرها لكم بعد قليل ، هي شيء يستحق أن يعلق في بداية كل مجلس فيه تبادل علم بين علماء ( علم ديني أو دنيوي ) ، أنقل لكم هذه الكلمات من كتاب صيد الخاطر لابن الجوزي :
فصل : من تواضع لله رفعه
انتقدت على أكثر العلماء و الزهاد أنهم يبطنون الكبر . فهذا ينظر في موضعه و ارتفاع غيره عليه ، و هذا لا يعود مريضاً فقيراً يرى نفسه خيراً منه . حتى أني رأيت جماعة يومأ إليهم ، منهم من يقول لا أدفن إلا في دكة أحمد بن حنبل ، و يعلم أن في ذلك كسر عظام الموتى ، ثم يرى نفسه أهلاً لذلك التصدر . ومنهم من يقول : ادفنوني إلى جانب مسجدي ظناً منه أنه يصير بعد موته مزاراً كمعروف الكرخي . و هذه خلة مهلكة و هم لايعلمون .
قال النبي صلى الله على و سلم : " من ظن أنه خير من غيره فقد تكبر " . و قل من رأيت إلا وهو يرى نفسه ، و العجب كل العجب ممن يرى نفسه ، أتراه يماذا رآها ! إن كان بالعلم فقد سبقه العلماء ، و إن كان بالتعبد فقد سبقه العبار ، أو بالمال فإن المال لايوجب بنفسه فضيلة دينية .
فإن قال : قد عرفت مالم يعرف غيري من العلم في زمني ، فما على ممن تقدم .
قيل له : ما نأمرك ياحافظ القرآن أن ترى نفسك في الحفظ كمن يحفظ النصف ، ولا يافقيه أن ترى نفسك في العلم كالعامي ، إنما نحذر عليك أن ترى نفسك خيراً من ذلك الشخص المؤمن و إن قل علمه . فإن الخيرية بالمعانى لا بصور العلم و العبادة .
ومن تلمح خصال نفسه و ذنوبها علم أنه على يقين من الذنوب و التقصير ، وهو من حال غيره على شك . فالذي يحذف منه الإعجاب بالنفس ، و رؤية التقدم في أحوال الآخرة ، و المؤمن لايزال يحتقر نفسه ..