نعم هناك ما يسمى بنظرية المؤامرة, حتى في عالم التقنية !! و أسعار شاشات الLCD هي أكبر دليل

منذ منتصف العام الماضي تقريبا, و نحن نتابع تقارير متتالية تأتي مباشرة من أكبر جهات أبحاث السوق و متابعة أسواق إنتاج المكونات الإلكترونية و تتحدث عن أن أسعار شاشات العرض الLCD النحيفة لابد و حتما و أن تنخفض انخفاض حاد خلال العام الحالي 2009. جميع الدلائل كانت تشير الى ذلك بل و تميل الى الإعتقاد الى أنه خلال العام الحالي قد تصل أسعار التليفزيونات الرقمية عالية التحديد الى أسعار مقاربة لأسعار أجهزة التليفزيون التقليدية التي اختفت بشكل شبه تام من الأسواق. و انتظر الجميع أن يتحقق ذلك و تطورت المنافسة بين الشركات المصنعة لهذة الشاشات لتصبح منافسة على النحافة و الدقة و الجودة و زادت الطرازات المعروضة و تنوعت و حفلت بالعديد من التقنيات الجديدة بل و ربما تكون بالفعل تراجعت الأسعار بشكل طفيف تحت وطأة المنافسة و لكن الشئ المؤكد أنه لم يحدث مطلقا هو هذا الإنخفاض الحاد الذي تحدث عنه الجميع.

و بدا واضحا الآن أن هناك خطأ ما قد حدث, هل أخطأت تقارير شركات متابعة الأسواق ؟؟ أم هل ارتفعت أسعار المواد الخام المستخدمة في إنتاج المكونات الإلكترونية ؟؟ الواقع أن ما حدث لم يكن هذا و لا ذاك, فدائرة الإنتاج تسير في اتجاه واحد الى الأمام و الأسعار هي الأخرى يفترض بها أن تسير في اتجاه ثابت و لكن باتجاه معاكس الى الخلف, فالطبيعي هو أن التقنيات تتقدم و الأسعار تتراجع لتحل محل التقنيات القديمة أخرى جديدة و هكذا. و هذة الدائرة لا يمكن أن يعبث بها أحد و لكن ما يمكن أن تغيره أيدي العابثين هو معدل هذا التقدم التقني و معدل هذا التراجع السعري.

هذا التلاعب هو ما رأيناه مرات عديدة من قبل, رأيناه في سوق المعالجات عندما تدفع شركات لمنتجي الحاسبات حتى لا تتيح للطرف الآخر الدخول في المنافسة فترتفع الأسعار, و ها نحن نراه اليوم مرة أخرى في سوق شاشات العرض الرقمية و هذا هو فعليا ما حدث. فقد كشفت جهات مكافحة الإحتكار في الإتحاد الأوروبي عن قضية جديدة تورطت فيها العديد من شركات إنتاج شاشات العرض الLCD من بينها LG و Philips و عدد من الشركات الأخرى و التي ثبت اتفاقها فيما بينها على الإبقاء على أسعار شاشات الLCD مرتفعة على الرغم من إنخفاض تكلفة إنتاجها بشكل حاد و مستمر من أجل تحقيق أرباح أكثر. المثير في الأمر أن الأمر لا يخص هذة الشركات فقط, فهناك عدد كبير من الشركات الأخرى المنتجة لأجهزة التليفزيون الرقمية تعتمد في إنتاج أجهزتها على شاشات عرض مصنعة من قبل هذة الشركات سالفة الذكر ما يؤدي الى تأثير عام على أسعار جميع هذة المنتجات الموجودة في الأسواق.

و لكن ما يأتي مفسرا و موضحا أكثر و أكثر هنا لهذا الوضع و لسبب عدم انخفاض أسعار شاشات الLCD الى الحد الذي كان يفترض بها أن تصل اليه هو أن الأمر لا يقتصر فقط على السوق الاوروبي بل أن LG ذاتها إضافة الى شركات أخرى تتضمن Sharp و Hitachi و عدد آخر من منتجي شاشات الLCD يواجهون إدانات مشابهة و دعاواى قضائية بدأت منذ شهر نوفمبر الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية تهدف الى تغريمهم مبلغ يصل الى 600 مليون دولار لهذا السبب ذاته و هو اتفاقهم فيما بينهم على الحفاظ على أسعار شاشات العرض التي يبيعونها الى منتجي أجهزة التليفزيون, أجهزة الكمبيوتر و مشغلات الوسائط المتعددة عند ذات المستوى المرتفع دون الإلتفات الى الإنخفاض المستمر في تكلفة الإنتاج.

ما يمكنني أن أراه بوضوح هنا هو أن هذة الشركات جميعها قد وجدت ضالتها في وسط أزمة مالية عالمية تعصف بالعالم و استغلت اعتماد العديد من الصناعات على هذا المكون الرئيسي لتنقذ أنفسها على حساب المستخدم الذي تعد أحد أبرز حقوقه البديهية هي الإستفادة من التقدم التقني المستمر الذي يدفع وتيرته هو من مدخراته الشخصية بشراء هذة المنتجات و حرمانه من الإستفادة بإنخفاض تكلفة الإنتاج التي يعد المستخدم هو أحق من يستفيد بها.

لا يسمح بنقل هذا المحتوى من سوالف دون الاشارة برابط مباشر