مقابلة مع الرجُل الأول في منارت العطاء .. الشيخ سعد المهنا

الحديث مع الشيخ سعد المهنا لا يُمَل، إذا التقيت به و كانت منارات العطاء موضوع اللقاء فثمة غيث ينزل، غيث من الكلمات و المعلومات و الإشارات و الوقفات، لا تدري من أين تبدأ و إلى أين تنتهي، اخترناه ضيفاً للمنتصف، منتصف الشهر، و منتصف الطريق نستطلع ما فات و ما هو آت .. الشيخ سعد بن محمد المهنا القاضي بمحكمة القطيف، و المشرف العام لمنارات العطاء، أعطانا من وقته ما بين أيديكم من سطور فله شكرنا و تقديرنا و لكم تحياتنا:

* في البداية نرحب بكم فضيلة الشيخ في هذا اللقاء؟

- مرحباً بكم و بالإخوة جميعاً قراء هذا اللقاء.

* سؤالي الأول ربما مختلف عن الأسئلة التقليدية: نود أن تعطينا مقارنة بين مشاعرك في أواخر شهر شعبان و مشاعرك الآن و قد انتصف شهر رمضان؟

- الحمد لله و صلى الله وسلم و بارك على رسول الله و آله و صحبه و من والاه، أما بعد فنحن نحمد الله جل وعلا حقيقة من خلال هذه الثمار التي نلمسها الآن في منتصف شهر رمضان، ثمار العمل الخيري في منارات العطاء، من خلال هذه البرامج المتنوعة في برنامج رمضان المنارات.
أما قبل رمضان فكان الإعداد على قدمٍ و ساق، والجد و النشاط من الإخوة و الأخوات القائمين على هذا البرنامج، و كلٌ يأمل أن يأخذ البرنامج الصورة المناسبة، و بحمد الله عزوجل خرج الآن بأفضل مما كنا نتوقع، نسأل الله أن يتمه بالقبول و الرضا منه جل وعلا.

* هل يعني ذلك أن الأهداف التي رسمتموها لنشاط هذا العام تحققت، أو أوشكت على أن تتحقق؟

- بحمد الله عزوجل الأهداف تحققت بنسبة 80% و باقي الـ 20% تحتاج إلى ما تبقى من الزمن، حتى نهاية البرنامج بإذن الله.

* منارات العطاء بأنشطتها الجديدة و ذات البُعد الجماهيري شكلت مدرسة متميزة في العمل الخيري، كيف استطاعت ذلك؟

- بحمد الله عزوجل هذا حصل بتوفيق من الله عزوجل أولاً و آخراً
الأمر الثاني: هو ما ألمسه من صدق الإخوة و إخلاصهم لله جل وعلا في العمل، و عدم ظهور أسمائهم، حرصهم على أن يظهر العمل ، ويبرز و ينفع الله به البلاد و العباد.
هذه من أبرز الأسباب التي مكنت المنارات لتنتقل نقلات نوعية و مميزة بفضلٍ من الله جل وعلا.
هذه الأمور متى وجدت فإن النتيجة ستكون البركة و التوفيق من الله عزوجل، و النبي صلى الله عليه وسلم: إن تصدق الله يصدقك.
العمل الخيري ليس فقط عمل منارات العطاء، بل هو عمل لجميع فئات المجتمع، لجميع الأعمال الخيرية، ولذلك حرصنا في المنارات على إحداث نقلة نوعية في العمل، و نوجد ما يريده الشباب، و هذا الذي يفسر الإقبال الكبير من الشباب على منارات العطاء، وكذلك الفتيات: 4000 متطوع و متطوعة في منارات العطاء هذا العام.

* لماذا تُقبِل هذه الجموع الضخمة؟

- هذا يحتاج إلى دراسة، لندرس كيف و فق الله منارات العطاء فنجحت في أن تستقطب هذه الآلاف، و من خلال هذه الدراسة نخرج بفائدة للعمل الخيري بإذن الله.
من خلال تحليلي البسيط، و من خلال ما رسمه الإخوة من أهداف أجد أن من الأسباب:
أولاً: أن المنارات لم تطرح عملاً مكرراً و روتينياً، إنما طرحت عملاً نوعياً و إبداعياً جيداً..
الأمر الثاني: أرى أن المنارات طرحت ما يريده الشباب والفتيات، لا ما نريده نحن فقط، وهناك فرق كبير بين ما نريده و ما يريدونه..
الأمر الثالث: الوسائل المستخدمة في البرامج و المعارض، فبرامج المنارات نوعية ليست مكررة و لا معتادة، ولذلك الجميع عندما يزور هذا المصنع تختلف وجهة نظره، يختلف ما سمعه عن ما رآه هنا.
الأمر الرابع: من أسباب هذا الإقبال هو غرس القيَم في نفوس الناشئة، هذه القيم التي يحرص الآباء و الأمهات و الأسرة و المجتمع بكل أطيافه من أجهزة حكومية و أهلية و خيرية على زرعها، نحن نزرعها بشكل غير مباشر، ونجعل العمل تكاملياً.
تفطير الصائمين مثلاً لا تبدأ قصته عند إشارة المرور، إنما تبدأ هنا، من حين تسجيل الشباب، و تنتهي عند الإشارات، و تبقى القيم موجودة لسنوات و تستمر، فمن شارك في هذا البرنامج لن ينساه طوال حياته، هذه القيم مؤثراً جداً و تُغرَس بشكل غير مباشر.

* كيف؟

- نغرس فيهم مثلاً قيمة حب العمل الخيري بطريقة احترافية و أسلوب نوعي و مميز، وهذا قل أن يوجد، نغرس فيه قيمة العمل ضمن فريق واحد.
عمل المصنع هنا مكمّل لعمل التوزيع في الإشارات، والعمل داخل المصنع أيضاً يسير بطريقة تكاملية، كل مجموعة تكمل الأخرى.
نعلمهم الجودة و الإتقان في العمل، نعلمهم حسن الأداء، نعلمهم أهمية الوقت: لا بد أن ينتج وجبات معينة في وقت محدد..
نغرس فيه روح الابتسامة عندما يقدم وجبة الإفطار مع شدة الحَر، و الذي داخل السيارة في جوٍ آخر مناسب، ومع ذلك الأخير متضايق لأنه لم يدرك الإفطار في البيت، بينما متطوع المنارات يبتسم و يزرع الابتسامة في النفوس.
كل هذه الأمور و غيرها نغرسها، قيَم كبيرة و مؤثرة بشكل غير مباشر، و ستبقى سنين طويلة بإذن الله.

* هل استطاعت المنارات استقطاب أطياف المجتمع للعمل معها أيضاً؟

- استطاعت المنارات ذلك بحمد الله، فنجد من بينهم من ظاهره الالتزام، و منهم غير الملتزم، و منهم من عليه مظاهر ربما غربية، لكنه محب للخير ومشارك، لذلك المنارات فتحت أبوابها لكافة أطياف المجتمع ليشارك، لأن العمل الخيري ليس لمن هو ذو مظهر فقط، لا نشترط المظاهر، و إنما نقول هذا دين الله شارك فيه.

* أضافت منارات العطاء للعمل الخيري مفهوم التنوع و التطوير و إمكانية أن تتبلور من الفكرة أفكارا أخرى.. السؤال: هل كنتم تخططون لإيصال مثل هذه الرسالة؟

- من وجهة نظري و من خلال تجربتي البسيطة في العمل الخيري أرى أننا نعمل في إطار 20% فقط، والـ 80% لم نعمل فيها بعد، من إبداعات و اختراعات و وسائل يمكن أن نصل إليها و بقوة، و بتأثير أفضل من الموجود، لأن الحق معنا، بقىَ فقط قوالب حسنة نعرض فيها هذا الحق و نسوقه بشكل صحيح.
لازال العمل الخيري في 20% و المساحة المتبقية مازالت بكراً، تحتاج إلى عمل..
المنارات عندها رؤية واضحة هذا العام من العام الماضي بأنه سيكون هناك برنامج أرزاق، سيكون هناك برنامج للفتيات، و أعلنّا ذلك في مؤتمرات صحفية، و قلنا بأن المرأة ستشارك العام القادم في برنامج رمضان المنارات، قلنا هذا العام الماضي، و هذا موثّق.
للمنارات كذلك رؤية في القيم و إبرازها و لذلك عملنا هذا العام ما خططنا له العام الماضي بحمد الله عزوجل، و ما زلنا نقول بأن لدى شبابنا طموح أعلى و همم كبيرة، و مازالوا يشعرون بأنهم لم يقدموا لدينهم و مجتمعهم إلا النزر اليسير، و ما زال في الجعبة الكثير.
إنما يتكامل الجهد بتكامل ما بين الجهات الحكومية التي اعتدنا منها كإمارة المنطقة الشرقية و لاة أمرنا دعم هذه المشاريع، وكذلك من رجال أعمالنا الأوفياء، وشركاتنا العملاقة كشركة أرامكو التي ترعى هذا البرنامج، ولها الشكر و التقدير على رعايتها هذا العام لجزء من منارات العطاء، وهي شريك استراتيجي لنا في أعمالنا بحمد الله عزوجل.. هذا التكامل سيحدث نقلة نوعية للعمل الخيري بشتى أنواعه و صوره بإذن الله تعالى.

* كلمة أخيرة تودون قولها؟

- أحب التذكير فقط بأن برامجنا لهذا العام أربعة برامج: أرزاق، أبناء، فتيات، مثل أجره (التفطير الجوال)..
و للمعلومية فإن برنامج (أرزاق) للأسر الفقيرة المتعففة يمثل 80% من ميزانية البرنامج بشكل عام، أقول هذا لأن بعض الإخوة ينتقدوننا بحجة عدم توجيه برامجنا للأسَر المحتاجة و انشغالنا بالتفطير الجوال، أقول أن التفطير الجوال لا يمثل من حيث التكلفة سوى 20% من الميزانية بينما تذهب 80% إلى برنامج أرزاق.
حريٌ بالإخوة أن يطلعوا على البرنامج، يزورون و يسمعون من القائمين على منارات العطاء مباشرة، من أجل التصور الصحيح، لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وليس من رأى كمن سمع.
شكري و تقديري لشركائنا هذا العام:
إمارة المنطقة الشرقية ممثلة بصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز و نائبه سمو الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد..
شكري و تقديري لشركتنا العملاقة شركة أرامكو و الشكر موصول إلى القائمين عليها، وخاصة المهندس خالد البريك و الإخوة في العلاقات العامة..
شكري و تقديري للجنود المجهولين من الفتيات و الفتيان الذين يعملون في برنامج رمضان المنارات بصمت و خلف الكواليس، و لا يُرَون من خلال هذه السطور، لكن الله يراهم، ولن يضيع أجرهم، يقول الله تعالى (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً) ..
شكراً لقراء و قارئات هذا اللقاء، و دعواتكم لنا و للمسلمين بالتوفيق.. و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.