نظرة في العمق: إستعد للمستقبل .. و اشتري لنفسك معطفا .. !!

لا أزال أذكر الأيام الأولى لظهور الهواتف المحمولة يوم أن كان الهاتف المحمول أشبه ما يكون بمعدات الإتصال الفضائي كبيرة الحجم منفرة الشكل و لا تزال تمر في مخيلتي الأيام التي تلت ذلك و التغيرات السريعة المتتالية التي طرأت على الخطوط التصميمية الخاصة بالهواتف المحمولة فخلال سنوات معدودة بدأت الهواتف المحمولة تأخذ طابعا أكثر إنسيابية من حيث التصميم و حجما أصغر و إن حافظت على وزنها و حجمها الكبير نسبيا كأداة يحملها المستخدم معه أينما ذهب. ثم مرت سنوات أخرى أصبح الصراع الرئيسي خلالها هو تطوير الهاتف المحمول الأصغر حجما فرأينا موتورولا في أوج إزدهارها و هي تقدم لنا سلسلة هواتفها الصدفية و على رأسها الهاتف RAZR و غيرها من الشركات قدمت معا مفهوما جديدا لتصميم الهواتف المحمولة تلك التي لا تشعر بوجودها في جيبك بسبب صغر حجمها و خفة وزنها المتناهية.

لا أظنكم قد غفلتم عن حقيقة أنه خلال معظم هذة المراحل السابقة لم تكن شاشة العرض المزودة بها هذة الهواتف المحمولة تتجاوز في أبعادها حجم علبة كبريت صغيرة, و لكن فجأة طرأت على مخيلة مصنعي الهواتف المحمولة فكرة استخدام شاشات العرض الملونة في هواتفهم و التي بدأت صغيرة الحجم هي الاخرى و لكن سرعان ما أغرت شاشات العرض الملونة مصنعي الهواتف و مستخدميها على حد سواء بهذة الإحتمالات الغير محدودة التي يمكن أن تقدمها هذة الأجهزة الصغيرة و هي المفاهيم التي تزامن ظهورها مع تحركات متسارعة على صعيد المعالجات متناهية الصغر المستخدمة في صناعة الهواتف المحمولة ليظهر علينا مفهوم جديد كليا لم نعتده من قبل و هو مفهوم “الهواتف الذكية” – Smartphones.

لسنا اليوم بصدد التعرض لما أصبح من الممكن لهذة الهواتف الذكية أن تفعله و ما يحمله لها المستقبل من قدرات إضافية دفعت البعض الى إنتظار اليوم الذي يحل فيه الهاتف المحمول كبديل متكامل للحاسبات الشخصية و يصبح المستخدم قادرا على القيام بكل ما يريد تنفيذه من مهام مباشرة من هاتفه المحمول, و لكن ما أنا بصدد الحديث عنه هو هذا المعنى الذي يبدو أننا نفقده بشكل تدريجي عبر هذة المراحل من التطور التي يمر بها الهاتف المحمول, فقديما قالوا أن الهاتف المحمول “هو ذلك الجهاز صغير الحجم, سهل الحركة الذي يمكنك أن تصطحبه في كل مكان” أما اليوم فقد أصبح الهاتف المحمول هو ذلك الحاسب الصغير – نسبيا مقارنة بالحاسبات الفعلية – الذي يجمع أكبر قدر ممكن من الوظائف في جهاز واحد. هل لاحظتم التغير الذي طرأ على الهواتف المحمولة ؟؟ إن الصراع لم يعد البحث عن تقليص الحجم و لكنه أصبح إضافة المزيد من القدرات و الوظائف و الميزات – و هو أمر طبيعي إذا ما كنت تتسائل – و لكن الشئ المختلف الى حد ما هو أن الإتجاه فجأة بدا و كأنه ينقلب في زاوية معاكسة تماما فأصبحت الهواتف الجديدة تزداد تدريجيا في الحجم عام بعد الآخر.

عندما ظهرت الشاشات الملونة في سوق الهواتف المحمولة تراوحت قياسات هذة الشاشات بين 1-2 إنشات في معظم الوقت و قبل أن يظهر مفهوم اللمس المتعدد و إستخدام لمسات أصابع اليد بدلا من القلم – Stylus لم يكن أحد يتصور أن يمتلك هاتفا يحمل شاشة عرض بقياس يزيد عن 3 إنشات ثم تطورت تقنيات اللمس و إزداد الإعتماد عليها فأصبح المعتاد هو أن ترى هواتف بقياس 3.5 إنش ثم قدمت HTC هاتفها الجديد Touch HD و تحدث العالم عن شاشة العرض الملفتة للنظر التي يحملها هذا الهاتف و التي جاءت بقياس 3.8 إنش و لكن يخطئ من يتصور أن هذا هو نهاية المطاف فقد شهدت الفترة الأخيرة إطلاق هواتف HTC HD2 مع شااشة عرض بقياس 4.3 إنش و بالأمس فقط هواتف Samsung Galaxy S بقياس 4 إنشات و أخيرا HTC EVO مع شاشة بقياس 4.3 إنش و الرسالة التي تلقيناها هنا هي أنها لم تكن قط مجرد تجربة ملفتة للنظر تلك التي خاضتها بعض الشركات بتخطي نطاق الثلاثة إنشات بل إن سمة المستقبل القريب للهواتف الذكية هو الإزدياد المستمر في أبعاد الهواتف المحمولة خاصة مع إزدياد الرغبة في مشاهدة ملفات الوسائط المتعددة على هذة الهواتف و التي تعد الدافع الأكبر لتوظيف شاشات عرض أكبر حجما و أكثر نقاءا لهواتف المستقبل.

لحظة … قد يبدو للبعض هنا أنني أحد المعارضين لفكرة استخدام شاشات العرض الكبيرة في أجهزة الهواتف الذكية و لكن الواقع هو أنني الآن أكثر من أي وقت مضى أجد متعة لا تضاهى في استخدام هذة الهواتف الحديثة الغنية بمواصفاتها بل و أظن أن جاذبية شاشة العرض و ما يمكن أن يقدمه الهاتف من وظائف مرتبطين بشدة بحجم شاشة العرض التي يستخدمها الهاتف …

و لكن التساؤل الذي أطرحه هو الى أي مدى سيستطيع المستخدم التأقلم مع الزيادة المستمرة في حجم الهواتف المحمولة ؟؟ بهذا المعدل الذي نشهده اليوم فإنني لا أستبعد أن نرى هاتفا مزود بشاشة عرض في نطاق ال5 إنشات خلال العام المقبل على أقصى تقدير, فهل ستستمر الزيادة على هذا النهج ؟؟ هل ستتسع “جيوب” المستخدمين – الذين اعتادوا أن يكون الهاتف المحمول هو ذلك الجهاز الصغير سهل الحمل – لهذة الأجهزة العملاقة الجديدة ؟؟ .. حينما طرحت Sony حاسبها المحمول الصغير VAIO P و الذي يمثل حاسب محمول متكامل يعمل بنظام التشغيل ويندوز و ليس مجرد هاتف و قامت بالدعاية لهذا الحاسب بفكرة دعائية ترتكز على مفهوم سهولة حمله في جيبك تلقت الشركة اليابانية سيلا من السخرية لأن الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن يكتسب بها الVAIO P مفهوم “حاسب للجيب” هو أن تحصل على معطفا طويلا و تصطحبه في جيب معطفك ..

سؤال أخير أترك لكم الإجابة عليه, ما هو أقصى حجم للهاتف المحمول تظن أنك تستطيع أن تتأقلم معه في تحركاتك اليومية ؟؟ أم أن الأفضل أن تستعد لما هو قادم و تشتري لنفسك معطفا جديدا إستعدادا لهواتف المستقبل ..

لا يسمح بنقل هذا المحتوى من سوالف دون الاشارة برابط مباشر