اضغط هنا للحصول على العضوية الذهبية في منتدى سوالف سوفت

الانترنتمقالات

العودة الى الحاضر (2011)

back-to-the-future

لقد حفل تراث السينما العالمية, بل و المحلية, على مدى العقود الماضية بالكثير من الأفلام السينمائية التي صورت مفهوم السفر عبر الزمن, بعضها تخيل فكرة الإنتقال الى المستقبل و أسهب في تصوراته لأشكال الحياة في هذا المستقبل المجهول و بعضها فضل الإستناد الى الوقائع المعروفة فطرح فكرة السفر الى الماضي و ربما يكون أحد أشهر هذة الأفلام على مر العصور هو ما أخرجه روبرت زيميكس عام 1985 تحت اسم “العودة الى المستقبل” – “Back to the Future” و هو الفيلم الذي حصد عدد لا بأس به من جوائز الأوسكار محققا أرباح قدرت ب197 مليون دولار و مستأثرا لنفسه بالموضع رقم 72 في قائمة أفضل ما أنتجته السينما العالمية في تاريخها وفقا لتقييم الIMDb. و لكنني اليوم أظن أن هناك طريقة أفضل لتخيل فكرة السفر الى الماضي, دون الحاجة الى عربة السفر عبر الزمن التي استخدمها مارتي ماكفلاي في هذا الفيلم التاريخي ألا و هي أن تخوض هذة التجربة فعليا, ليس في زمن مختلف, و لكن في نفس هذا الزمن و في محيط نفس الأشخاص و على غرار الطريقة المعتادة في تسمية أفلام السينما, فهذا ما شهدناه بالفعل مطلع الأسبوع الماضي في مصر .. “العودة الى الحاضر (2011)”

عندما تتلاشى خدمة الإنترنت, و يفقد الهاتف المحمول قيمته و تختفي السيارات و وسائل النقل من معظم الطرقات, أظنك عندها تكون بالفعل في خضم هذة التجربة, تجربة العودة الى الماضي. بغض النظر عن الظروف و الملابسات, فما يعنينا هنا بالفعل من وجهة النظر التقنية هو قضية الإنترنت و شبكات الهاتف و مدى أثر وجودها من عدمه في حياة البشر في وقتنا الحاضر.

بداية, يمكنك أن تلقي نظرة على هذا التمثيل الزمني لتتابع الأحداث خلال الفترة الماضية فيما يتعلق بخدمات الإتصالات و الإنترنت : (علما بأن هذا التوثيق هو توثيق شخصي من واقع متابعة شخصية للأمر و لا يمثل بأي حال من الأحوال رواية رسمية للأحداث)

internet-comms-in-egypt-jan25-crisis

كتبت من قبل متحدثا عن تجربة الحياة و متابعة المهام اليومية في غياب الإنترنت شبه الكامل, و لكنني اليوم أدرك أن الفارق حقا كبير بين الإنقطاع الكامل و الإنقطاع شبه الكامل. فهناك فارق واضح بين الحديث عن الأولويات التي لابد و أن تنظمها بعناية لقضائها خلال نصف ساعة أو ساعة واحدة يوميا يتاح أمامك خلالها استخدام الإنترنت و بين أن تعجز كليا عن قضاء هذة المهام الأساسية بشكل كامل لغياب الإنترنت عن كل شئ من حولك. فقط في هذة الأثناء تدرك الفارق الشاسع بين العودة الى الماضي في زمن الماضي, و العودة الى الماضي في عالم اليوم. فإذا كان من المثير أن تطالع الحياة في زمن مضى ببساطتها و خلوها من وسائل الإتصال الحديثة و المعقدة, فإن ما سرعان و ستدركه هو أن هذة التجربة ذاتها تفتقد الإثارة عند تطبيقها في عالم اليوم الذي أصبح يتعامل مع الإنترنت كأمر مسلم بوجوده و أن الكثير من الأعمال التي قد تراها من حولك و لا يدور بخلدك و لو للحظة إحتمالية أن يؤدي غياب الإنترنت الى توقفها هي في الواقع أكثر اعتمادا على هذة الوسائل الحديثة مما كنت تتخيل.

عندها فقط ربما تستطيع أن تستوعب أن شبكات التواصل الإجتماعي و مواقع مشاركة الصور و الفيديو التي أصبحت جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية هي في واقع الأمر تتذيل قائمة المصالح الحيوية المعتمدة على الإنترنت, و في هذة اللحظات يمكنك أن تعيد ترتيب قائمة الأولويات المعتمدة على الإنترنت هذة القائمة التي ستفاجئ بعدد و تنوع المنشئات التي انضمت اليها دون أن نشعر, ففي وقت يمثل فيه البريد الإلكتروني أحد أبرز الأولويات الشخصية تظهر أنشطة أخرى عامة أصبحت مغلولة الأيدي في ظل هذا الإنقطاع, أنشطة تتنوع طبيعتها لتشمل البنوك و المؤسسات المالية جنب الى جنب مع محطات التزود بالوقود و مرورا بكافة الشركات الأجنبية على اختلاف أطيافها و مجالات أعمالها.

لحظات أخرى تمر لتعي خلالها كذلك أن الإنترنت و وسائل الإتصالات المحمولة كانت هي المسؤولة الرئيسية عن توفير قدر كبير من الأخبار و المعلومات التي تتداولها و تستهلكها بصفة يومية فضلا عن صلتك بالعالم من حولك هذا دون أن نأتي على ذكر وسائل التسلية و الترفيه باختلاف صورها, و عندها تضطر الى العودة قليلا الى الوراء للنظر في بعض الوسائل البديلة التي بدأت تفقد بعضا من شعبيتها, عند هذة النقطة فقط أدركت الى أي مدى حل الإنترنت محل العديد من الوسائط الأخرى, و كيف استبدل بخطى ثابتة الصحف و المجلات المطبوعة و كذلك التليفزيون و محطات البث الفضائي في كثير من الأحيان و كيف حلت الهواتف المحمولة محل خطوط الهاتف الأرضية لدى البعض. حقيقة, أظنه من الجيد أن نحافظ على بعض هذة الوسائل التي تبدو في طريقها الى الفناء كخطة بديلة في مثل هذة الحالات, حالات انهيار النظام التقني الذي بات مبنيا بالأساس على توافر الإنترنت و الإتصالات المحمولة بشكل دائم و مستقر.

و لكن, و ما ان تمر الأيام, و ما ان تعود خدمات الإنترنت و الإتصالات المحمولة الى صورتها الطبيعية, فإنك تجد نفسك متلهفا الى العودة سريعا الى نمط حياتك الذي عهدته, ذلك النمط القائم كليا على هذة الوسائل الحديثة و الذي لا يمكنك أن تتصوره دون وجود شبكات التواصل الإجتماعي و مواقع مشاركة الصور و الفيديو و غيرها .. حقا, إن لكل زمن ضرورياته, و الإنترنت في هذا الزمان, لم يعد مجرد خيار ..

لا يسمح بنقل هذا المحتوى من سوالف دون الاشارة برابط مباشر

اقرأ أيضا:

تعليق واحد

  1. الله يفرجها على المسلمين والأمنينن تجربة اختفاء التقنيه الاجباري تجربه مره بالتكيد لاي اي شخص فما بالك بشخص مهتم بها مثلك أكيد ان امر.

    لزيادة المعلومات الفلم باك تو ذا فيوتشر حصد جائزه موحده فقط كانت في الصوت

زر الذهاب إلى الأعلى